Yeni Sayfa 1
العقل المؤيد بالإيمان عند الإمام النورسي أو اتصال الآيات والقيم
الدكتور إدريس مقبول1
تقديم:
يحظى العقل الأخلاقي بما هو فعالية إنسانية وهبة إلهية عند الإمام النورسي رضي الله عنه بمنزلة عظيمة، ذلك أنه جماع التوليف بين قوتين متى تفرقتا دخل الضعف على الكائن الإنساني من حيث تمام قوته في اتحادهما، إن الأمر يتعلق بالعقل آلة التفكر والاستدلال والإبداع من جهة والقيم الأخلاقية التي تعصمه من الشرود في دروب التدمير ومهاوي المعصية من جهة أخرى.
وعند الإمام النورسي تقوم على صفحة النفس الإنسانية حرب ضروس بين العقل والهوى في مسيرة ابتلاء الإنسان حتى يتغلب أحدهما على الآخر، والعقل ينبغي عليه أن يضطلع بدوره القرآني في الإنصات لصوت الحق وتمعنه والحرص على التمثل والامتثال، وهو في صراع دائم مع قوة الهوى وسلطان الحس التي تتربص به كلها للإطاحة به وحجب أدائه وقدراته.2
وقبل أن نمضي في تفصيل الفرق بين مراتب العقل واتصاله أو انفصاله عن القيم، نتوقف في البداية عند مفهوم العقل الآلة وما يتفرع عنه من خصائص وما يحده من حدود عند الإمام النورسي:
العقل الآلة: يعرف الإمام النورسي العقل بأنه آلة تابعة لإرادة الإنسان بعد أن تُعَيّن له الحق من الباطل والخير من الشر، فإنها -أي الآلة- لا مدخل لها في الفعل من حيث الاختيار، فالإنسان قد يعرف الشر بعقله ويأتيه مع علمه بضرره اللاحق له أو لغيره في العاجل أو في الآجل، ويعرف الخير ويتركه مع علمه بنفعه، وهو سر الابتلاء،3 ولهذا لم يكن امتلاك هذه الآلة وحده كافيا ليحقق ماهية الإنسان وسعادته ما لم يؤيد بالإيمان الذي يحمل الكائن الإنساني على الفعل الخَيّر (فعل الاستخلاف)، بل إن العقل الآلة ما لم يستعمله الإنسان في طريق الخير المطلق أو في سبيل الله كما يرى النورسي "فإنه يتحول إلى عضو مشؤوم مزعج وعاجز، إذ يحمّلك آلام الماضي الحزينة وأهوال المستقبل المخيفة، فينحدر عندئذٍ إلى درك آلة ضارة مشؤومة، ألا ترى كيف يهرب الفاسق من واقع حياته وينغمس في اللهو أو السكر إنقاذا لنفسه من إزعاجات عقله؟ ". 4 وليس هذا الهروب سوى قطع للعقل بما هو آلة إدراك للعالم عن الفعل النبيل والبناء في هذا العالم بما هو الفعل نفسه إدراك للغاية التي من أجلها خلق الكائن الإنساني، ولأجلها كُرِّم، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾،الذاريات:56 حيث لا يستقيم وجود عبادة بدون عقل، ولا عقل بدون عبادة.
وللعقل الآلة عند النورسي سمات يمكن إجمالها في أنه:
أولا: عقل حسي:
يتكلم النورسي عن محدودية العقل الإنساني، فلا قدرة لهذه الطاقة على تخطي عوالم الحس إلى عوالم الغيب مما أخبرت به رسائل الوحي من قبيل ما وراء الطبيعة، وكلامه في المحدودية لتأكيد أمرين اثنين:
الأول: عجز الكائن الإنساني بعقله عن إدراك مدى القدرة الإلهية، فلا سبيل له إلى ذلك.
الثاني: امتداد الإحساس الباطني القلبي (الإيماني) لمعرفة ما يعجز العقل عن إدراكه.
والإحساس الباطني هو نوع ثان من العقل لكنه أرقى درجة من العقل المجرد لقيامه على البعد الإيماني.
ومحدودية العقل الإنساني مرتبطة بطبيعة المعرفة التي يطلبها، فإن كانت معرفة حسية طبيعية كان له اقتدار على وصفها وتفسيرها وفق أدواته ومقاييسه المعتبرة، والتي راكمها عبر التجارب والملاحظة والتعميم والمقايسة، وأما إذا كانت معرفة ما وراء الطبيعة فإن كلام العقل فيها تخرص وتخبط، لأن مقاييسه تصير آنئذ كليلة حائرة عاجزة عن التحقق بهذا الضرب من المعرفة.5
ثانيا: عقل مفتون:
العقل المفتون عند النورسي هو عقل مشغول بقواعده، مشغول بقدرته ومعجب بإمكاناته الهائلة على التحليل والتفكيك، أمام هذه الكائنـات المضطربة المنسابة إلى الزوال، يصـرخ "العقـل" المفتــون،6 إنه عقل مفتون لأنه أصبحت عنده "حركات الذرات شعرات مظلمة لأهداب العقل، أسدلت على البصر المادي وأعمته، فلم يعد يرى الفاعلَ لتشكيل الأنواع كلها. وهكذا تقع الضلالة".7
العقل المفتون عند النورسي عقل لا قدرة له على الانتقال إلى الحقيقة الكاملة، مشلول بالأشكال التي تأسره، غافل عن عجزه وإعاقته التي تقعد به عن التفكر القرآني والتدبر السنني.
وهو عقل لدرجة افتتانه بذاته، تألّه حتى صار مع الوقت إلها يتصور أن بإمكانه أن يقدم تفسيرا لكل ما يحيط به، لأنه هو الذي أوجده على نحو من الأنحاء، وهو يعتقد أن كل شيء وكل موضوع لا يخرج عن دائرة الفهم، وهي مسلمة تعكس غروره وضعفه في نفس الآن، يقول مانويل دودكيز: "إن مسلمة قابلية كل شيء للفهم، وبالأدوات التي يوفرها العلم المزهو المنتصر على وجه التحديد والحصر، معناه الانزلاق إلى ما هو أشد ادعائية ألا وهو قابلية كل شيء للتفسير الذي لن يقبل إلا بالوجهة الواحدة وبالأحادية المركزية."8
ولا يفوت النورسي أن يسجل في إطار نقده للعقل المعاشي المادي أن هذا العقل ذري وتجزيئي غارق في جزئيات ما ينظر فيه، يقول: "ومن الغرائب أن العقل الذي يتطاول إلى الإحاطة بالعالم والنفوذ إلى الخارج والخروج من دائرة الإمكان، يغرق في قطرة.. ويفنى في ذرة.. ويغيب في شعرة.. وينحصر الوجود عنده فيما فنى فيه.. ويريد أن يدخل معه كل ما أحاط به في النقطة التي بَلَعته".9
ثالثا: عقل محجوب:
يؤكد الإمام النورسي أن العقل قد ينحجب بأدواته عن معرفة الحقيقة، فيكون جهله بها سببا في كفره بها وإنكاره لها، ومعلوم أن العقل في هذه المرتبة قد يكون سبب انحجابه أيضا سبق النكوص في الإرادة عن معرفة الحقيقة، وكأن العقل يأتي في النتيجة ليريح النفس من تعب البحث والاجتهاد والتأمل في ما وراء الصنعة من صانع، وما وراء المُلك من مالك، يقول النورسي: "إنك لا تعرف مالك هذا القصر ولا تَرغب في معرفته، فتستبعد أن يكون له مالك وتنساق إلى إنكار أحواله لعجز عقلك عن أن يستوعب هذه المعجزات الباهرة والروائع البديعة، مع أن الاستبعاد الحقيقي، والمشكلات العويصة والصعوبات الجمة في منطق العقل إنما هو في عدم معرفة المالك والذي يفضي بك إلى إنكار وجود هذه المواد المبذولة لك، بأثمانها الزهيدة ووفرتها العظيمة. بينما إذا عرفناه يكون قبول ما في هذا القصر، وما في هذا العالم سهلاً ومستساغاً ومعقولاً جداً، كأنه شيء واحد، إذ لو لم نعرفه ولولاه، لكان كل شيء عندئذٍ صعباً وعسيراً بل لا ترى شيئاً مما هو متوفر ومبذول أمامك."10
وكأن هذه المعرفة بالمالك تُيَسّر فهم العقل لشؤون المُلك، فلا يتعب كثيرا في ربط الموجودات بمُوجدها، والأشياء بحِكْمتها، فينعم حينئذ العقل بالاستقرار والاطمئنان لأن ثمت ميزانا تقوم عليه الأفعال في الكون تنفي عنه سلطان العبث.
إن العقل العلماني والمادي والتقني والوضعي نماذج لهذا العقل المحجوب، والذي لا يرى حاجة في التطلع إلى شيء اسمه الآخرة ما دام التقدم العلمي والتقني الذي هو حصيلة هذا العقل وثمرته، قادرا وحده على أن يرفع عن الإنسان أسباب الجوع والمرض والمشقة في هذه الحياة التي ليس ثمت شيء فوقها. كما أنه قادر على أن يمده بأسباب رغد العيش ومتعة العمل ونعمة الأمن في الدنيا، متناسيا أن الجزء الأكبر الذي تعاني منه البشرية اليوم متصل اتصالا مباشرا بجانبها الروحي والمعنوي والأخلاقي، ولهذا تجد النورسي يتساءل: "ترى هل يمكن أن يسعد إنسان لمجرد تملكه ثروة طائلة، وترفله في زينة ظاهرة خادعة، وهو المصاب في روحه وفي وجدانه وفي عقله وفي قلبه بمصائب هائلة".11
مراتب الوجود ومراتب العقول:
يذهب النورسي إلى أن "أهل الحكمة وأهل الدين وأصحاب العقل والنقل متفقون ضمنياً على أن الموجودات لا تنحصر في عالم الشهادة هذا، وان عالم الشهادة الظاهر الجامد الذي لا يكاد يتفق مع إقامة الأرواح وتشكلها قد تزين بهذا العدد الهائل من ذوي الأرواح والأنسام؛ لذا فالوجود لا يمكن أن يكون منحصراً فيه. بل هناك طبقات أخرى كثيرة من الوجود، بحيث يصبح عالم الشهادة بالنسبة لها ستاراً مزركشاً. وما دام عالم الغيب وعالم المعنى ملائمين للأرواح -كملاءمة البحار للأسماك- فلابدّ أنهما يزخران بأرواح ملائمة لهما."12
عوالم بعضها فوق بعض، وعقول بعضها أيضا فوق بعض، ومنزلة العقل المادي فيها لا تعدو منزلة خفاش "جيد الإبصار في ظلمات الكون المادي وما أودع الله فيه من أسباب، حتى إذا خرج من كهفه ذاك إلى حيث تسطع شمس حقائق الغيب عمي عمى مطبقا، وأنكر أن يكون في الوجود غير ما وقع عليه حسه الكليل".13
ولما تعددت مراتب الوجود وطبقاته، حتى كان الوجود الحسي أدناها ولا يمثل شيئا أمام عظم الوجود عامة، كانت العقول أيضا مراتب يوافق منها كل واحد مرتبة من مراتب الوجود، فعلى قدر تحقق الإنسان بواحد من هذه العقول كان له الاطلاع اللائق بالمرتبة المطلوبة من الوجود المتواري خلف الحس، وهذه العقول تتدرج في القوة حتى يكون أضعفها هو العقل الحسي المجرد وأقواها هو العقل الإيماني المؤيد، وبينهما مراتب من العقل الشرعي المسدد.14
وإن معارف المراتب العالية من الوجود الخارجة عن الحس يتلقفها العقل الإيماني المؤيد لمعات لا يستقيم تناولها بميزان العقل المجرد وقوانينه، بل إن اللغة نفسها تضيق فلا تتسع للتعبير عن هذه الحقائق المتوارية، و"عدم التعبير ليس عَلَماً على عدم الوجود. فكما أن اللسان كثيراً ما يتقاصر عن أن يترجم عن دقائق ما في تصورات العقل؛ كذلك قد لا يتراءى بل يتغامض عن العقل سرائر ما في الوجدان، فكيف يترجم عن كل ما فيه؟"15
وإذا كان هذا في سرائر الوجدان فكيف بسرائر الأكوان مما هو كائن أو كان، خصوصا إذا تفاعلت النفس بهذه اللمعات، يقول النورسي: "لقد مازج هذه اللمعة شيء من الأذواق والمشاعر، فأرجو عدم تقييمها بموازين علم المنطق؛ لأن ما تجيش به المشاعر لا يراعي كثيراً قواعد العقل ولا يعير سمعا إلى موازين الفكر."16
إنها حقائق الوجود حين تتأبى على الوصف، وتخرج عن طوق الترسيم كما قال النفري صاحب المواقف والمخاطبات"كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة".17 وكأن اللغة في هذا المقام الوجودي التواصلي مرتبطة بما يستطيعه العقل الإنساني من ممكنات، ويبقى ممكن المعنى الروحي فوق العبارة المنتهية والمنتسبة لعالم العقل الذي لا يستطيع مجاراة الوجدان في تملي الأسرار الإلهية. فالإنسان أعظم من اللغة في حضرة الحق فقد كان الإنسان ولم تكن اللغة.
ارتقاء العقل:
لقد أبان النورسي رحمه الله على أن منهج التربية في القرآن كما يعلي من قيمة العقل بما هو حاكم وسبب في رقي الإنسان وصناعة تطلعاته في الحياة وبما يمنحه من قدرات على الابتكار والإبداع في دنيا الابتلاءات فإنه في مسيس الحاجة لنفحة الإيمان تحفظه من المهالك وتجعله على أقوم المسالك، إذ العقل عند الإمام النورسي في مسيس الحاجة لنفحات الرحمن والاتصال بالمطلق"الله" حتى يجد معنى حقيقيا لهذه الحياة ويبقى على خط البناء والعمران لا الهدم والخسران.
والبقاء على خط الاستقامة والبناء يستلزم صراعا مستمرا مع خصوم الإنسان وأعدائه في الداخل والخارج على محور الابتلاء، ولهذا كان الإنسان دائم المراوحة بين الذكر والغفلة،" وعندما تهيج أحاسيسُ الإنسان لا ترضخ لموازين العقل، بل الهوى هو الذي يتحكم، فيرجح عندئذ لذةً حاضرةً ضئيلة جداً على ثواب عظيم في العقبى، ويتجنب ضيقاً جزئيا حاضراً أكثر من تجنبه عذاباً أليماً مؤجلاً. ولما كانت الدوافع النفسانية لا ترى المستقبل بل قد تنكره، وان كان هناك حثّاً لها من النفس وعوناً، فان القلب والعقل اللذين هما محل الإيمان، يسكتان، فيُغلبان على أمرهما. فلا يكون عندئذ ارتكاب الكبائر ناتجاً من عدم الإيمان، بل من غلبة الهوى وسيطرة الوهم والحسّ المادي، وانهزام العقل والقلب وغَلَبة كل أولئك عليهم".18
فإذا تغلب الهوى ضاعت حقائق الغيب، وانمحت آثار التقوى من النفس، فانحط العقل إلى أخس دركاته، فيصبح مزينا للباطل، مسوغا للقبيح، مستشارا وموجها للنفس الأمارة بالسوء.
والإنسان إذا تدارك غفلته، فتاب عقله عن عنجهيته وتمرده على خالقه، وسجد بين يديه سبحانه معترفا بالتقصير والضعف والتناهي، تداركته يد العناية، فيتحول العقل الجامد إلى عقل حي، وينقلب العقل المحبوس إلى عقل منطلق، ويرتفع الإنسان من وهدة البهيمية الراتعة بلا مسؤولية ولا رقابة أخلاقية إلى مراقي التشريف والتكريم، يقول الإمام النورسي رضي الله عنه: "وانظر إلى الإنسان كيف ترقَّى من حضيض الحيوانية الذي هوى إليه بعجزه وفقره وبعقله الناقل لأحزان الماضي ومخاوف المستقبل، ترقّى إلى أوج الخلافة بتنور ذلك العقل والعجز والفقر. فانظر كيف صارت أسبابُ سقوطه -من عجز وفقر وعقل- أسبابَ صعوده بسبب تنورها بنور هذا الشخص النوراني."19
وحقيقة ارتقاء العقل لا تكون إلا بأخذه بالإيمان وبالقيم الأخلاقية، وإلا استحال أمر تحكيمه منفردا إلى ضرب من التأليه الذي يودي بالحياة الإنسانية إلى أتون الفوضى والاقتتال، يقول النورسي: "القلب الإنساني إذا انتزع منه الرأفة والرحمة والاحترام فإن العقل والذكاء يسيطران -عندئذ- على زمام الإنسان ويجعلان أولئك الناس كالوحوش الضارية والكلاب المسعورة."20
وهكذا فإن الترتيب الفطري للإنسان يرفع القلب إلى مقام الإمارة، ويجعل العقل وزيرا له، والحواس خَدَمَة، فإذا فسدت الفطرة تأمر العقل، وتمرد على القلب ومعانيه، وهذا فساد العقل الفلسفي العبثي، فإن فسدت الفطرة الفساد التالي للفساد الأول، الملازم له، الناتج عنه، تَأَمَّرَ الهوى بشهواته، وسَخَّرَ العقل لأغراضه، وطرد معاني القلب من القيم الإيمانية العالية.21
وقد استمر النورسي طوال حياته يدافع عن العقل الأخلاقي الذي يرجح القيم الإنسانية النبيلة على القيم الإنسانية المنحطة، ويذكر في كل مناسبة أن قيمة العقل من قيمة الأخلاق التي يدافع عنها، يقول: "فلئن كانت المداهنة والتملق والتزلف وفداء المصلحة العامة في سبيل المصـلحة الخاصة، تعدّ من مقتضى العقل.. فاشهدوا إني أقدم براءتي من هذا العقل، مفتخراً بالجنون الذي هو أشبه ما يكون بمرتبة من مراتب البراءة."22
ولعل هذا الإعلان أصرح بيان تنديدي بالروح الحداثية وبالمدنية المفصولة عن القيم الأخلاقية، والتي تستجيز التضحية بالآخرين من أجل تغذية وإشباع النهم والشراهة الذاتية، على قاعدة الأخلاق الميكيافيليلية اللاإنسانية: "الغاية تبرر الوسيلة."
العقل مفتاح الكنز:
حتى يكون العقل مفتاحا للكنوز عند الإمام النورسي رضي الله عنه ينبغي أن يرتبط بالقرآن الكريم وبتصوره الشمولي الذي يتحدث أول الأمر عن العقل بما هو فعل القلب،23 وليس مفصولا عنه، بل الممارسة العقلية في أجلى صورها تكون من هذا المنطلق الرباني إشعاعات قلبية مهتدية بهداية القرآن، وهذا معنى قول النورسي: "نور العقل يشع من القلب."24
فلا إشعاع للعقل حتى يكون القلب مصدره الذي يخرجه مخرجا إيمانيا حيث يجمع العقل المؤمن آنئذ بين قراءتين في سهولة ويسر وانسجام ووئام:
قراءة كتاب الله المسطور، وقراءة كتاب الله المنظور،"للخروج من إسار الأمية بكل أشكالها ومعانيها: كتاب منزل متلو معجز وهو القرآن، وكتاب مخلوق مفتوح وهو هذا الخلق والكون والتجارب البشرية فيه".25
والعقل المفتاح عند النورسي عقل متجاوز باستمرار لقشور الحكم إلى لب الحكمة، فهو مفتاح رائع،26 "بحيث يفتح ما لا يعد من خزائن الرحمة الإلهية وكنوز الحكمة الربانية فأينما ينظر صاحبه وكيفما يفكر يرى الحكمة الإلهية في كل شئ، وكل موجود، وكل حادثة. ويشاهد الرحمة الإلهية متجلية على الوجود كله، فيرقى العقل بهذا إلى مرتبة مرشدٍ رباني يهيئ صاحبه للسعادة الخالدة."27
ويشترط النورسي حتى يكون العقل مفتاح الكنوز أن يتحلى بالتوحيد حتى يخرج من الوحشة والخوف والضعف، ذلك أن "التوحيد هو نفسه أوضح برهان، وأسطع دليل على الكمال والجمال الإلهي، لأنه: إذا عُرف أن صانع الكون واحد أحد، فسيُعرف جميع أنواع الكمال والجمال المشاهدة في الوجود، بأنها: ظلال وتجليات وعلامات لأنواع الكمال المقدس وأنماط الجمال المنزّه لذلك الصانع الواحد الأحد لذلك الكمال المقدس والجمال المنزّه، بينما اذا لم يُعرف الصانعُ الواحد، فستحال تلك الكمالات وأنواع الجمال إلى الأسباب التي لاشعور لها والى مخلوقات عاجزة، وعندها يحار العقل البشري أمام خزائن الكمال والجمال السرمديين، لأنه فقد مفتاح تلك الكنوز الخالدة".28
منطق السببية والعقل الملكي:29
يتحدث النورسي عن عَبَدة الأسباب والذين يحيلون الخلق والإيجاد إلى الوسائط، ويسندون إليها التأثير، ويريدون بلوغ حقيقة الحقائق، ومعرفة الله جل جلاله عن طريق العقل والفكر وحده، كالحكماء المشائيين.30
وقد اجتهد الإمام النورسي رحمه الله في الرد على حجج فلاسفة الحتمية السببية بمنطق يشي بمعرفة واسعة بمذاهبهم وفي الوقت ذاته باطلاع واسع على أدبيات المتكلمين والفلاسفة المسلمين، كما يظهر للقارئ أن مناقشته للحتميين شبيهة بمناقشة الإمام الغزالي في تهافت الفلاسفة في إبطال قولهم في استحالة خرق العادات، وهو مبحث خصصه لنفي رجوع الاقتران لمنطق السببية، بل لما سبق من تقدير الله سبحانه، يخلقها على التساوق لا لكونه ضروريا في نفسه، غير قابل للفرق.31 يقول الإمام النورسي: "أيّ هذرٍ هذا! وأي وَهْم! أليس الذي يتفوه به بعيداً كل البعد عن سلامة العقل؟ فالذين يحيلون أمر الخلق والإيجاد في هذا الكون البديع إلى الأسباب والى الطبيعة يهوون في جهل مركب سحيق كهذا. وذلك لأن مظاهر الإبداع واضحة على الأسباب والطبيعة نفسها، فهي مخلوقة كسائر المخلوقات. فالذي خلقها- على هذه الصورة البديعة -هو الذي يخلق آثارها ونتائجها أيضا، ويظهرها معاً".32
ويوضح النورسي"أن الأسباب إنما وُضعَت لتبقى عزةُ القدرة مصونةً من جهة نظر العقل الظاهري؛ إذ إن لكل شيء جهتين -كوجهي المرآة- إحداهما جهة "المُلك" الشبيهة بالوجه المطلي الملوّن للمرآة الذي يكون موضع الألوان والحالات المختلفة، والأخرى جهة "الملكوت" الشبيهة بالوجه الصقيل للمرآة. ففي الوجه الظاهر -أي جهة المُلك- هناك حالات منافية ظاهراً لعزة القدرة الصمدانية وكمالِها، فوُضعَت الأسبابُ كي تكون مرجعاً لتلك الحالات ووسائلَ لها. أما جهةُ الملكوت والحقيقة فكلُّ شيء فيها شفافٌ وجميلٌ وملائمٌ لمباشرةِ يدِ القدرة لها بذاتها، وليس منافياً لعزّتها، لذا فالأسباب ظاهرية بحتة، وليس لها التأثير الحقيقي في الملكوتية أو في حقيقة الأمر."33
وإذا قارن النورسي بين منطق القرآن ومنطق المتكلمين، فإنه يفصح عن صورة تقدم الوحي وترفعه فلا توازيه في منزلته الإقناعية منزلة المتكلمين مهما تفننوا وبرعوا: "فمن هذا السر يتبين: أن علماء الكلام، وإن تتلمذوا على القرآن الكريم وألّفوا ألوف الكتب -بعضها عشرات المجلدات- إلاّ أنهم لترجيحهم العقل على النقل كالمعتزلة، عجزوا عن أن يوضحوا ما تفيده عشرُ آيات من القرآن الكريم وتثبته إثباتا قاطعاً بما يورث القناعة والاطمئنان، ذلك لأنهم يحفرون عيوناً في سفوح جبال بعيدة ليأتوا منها بالماء إلى أقصى العالم بوساطة أنابيب، أي بسلسلة الأسباب، ثم يقطعون تلك السلسلة هناك، فيثبتون وجود واجب الوجود والمعرفة الإلهية التي هي كالماء الباعث على الحياة! أما الآيات الكريمة فكل واحدة منها كــعصا موســى تستــطيع أن تـفــجّر المـــاء أينما ضــربت، وتــفــتــح من كل شـــيء نافذةً تــدل على الصانع."34
إن النورسي من خلال هذا الكلام التمثيلي الرائع يوضح كيف يمضي تفسير القرآن للسببية من غير أن تصير حاجزا عن إدراك العقل للوجود في كليته، للوجود المتمكن بقدرة الله التي تفعل فيه وبه ما تشاء، كما يبين في الوقت ذاته كيف أن السببية الجامدة تشل حركية العقل المادي وتأسره كما أكد الغزالي وابن تيمية من فلاسفة الإسلام35 ودافيد هيوم وبرتراند راسل من فلاسفة الغرب، فهي تحد من طاقته الإبداعية، فلا يتصور شيئا خارجا عن قانون وَضَعَهُ وسَكَنَ في قفصه إلى الأبد.
العقل والجمع بين الآيات والقيم:
العقل المؤيد بالوحي والإيمان عقل يصل بين الآيات والقيم، ومعلوم أن أحد أسباب التردي والانهيار في الواقع الكوني اليوم هو سيطرة فلسفات ومناهج معرفية تفصل بين الآيات والقيم، والحقيقة أنه لا نزاع في أن الكائن الإنساني يميل بفطرته التي خلقه الله تعالى عليها إلى أن يجد في الأحداث التي تجري من حوله دلالات تجاوز واقعها، وهو يرى في حصولها إشارات تتعدى الظواهر؛ وتحمل إليه هذه الدلالات الدقيقة والإشارات الخفية، معاني بعيدة أو قيما عليا يشعر بالحاجة إلى الاهتداء بها وإتيان أفعاله على وفقها.
والحال أنه ليس في الأطوار التي تقلبت فيها الحضارة الإنسانية كما يذهب الدكتور طه عبد الرحمن "طور خالف هذا الميل الفطري لدى الإنسان مخالفة الواقع الكوني له؛ فهو يقر بوجود القيم، لكنه لا يقر بوجود الآيات؛ ولا يخفى أن الفصل بين الآية والقيمة إجراء تجريدي صناعي، بل تصنعي، ذلك أن الآيات لا تعدو كونها الظواهر عينها وقد تلبست بها القيم، والظواهر إنما هي الآيات وقد انتزعت منها هذه القيم، فهذا الانتزاع يؤدي إلى تجريد القيم من المواد التي تتجسد فيها أو من الموضوعات التي تحملها، ثم وضعها في عالم لا وجود له إلا في الأذهان، قد يزعم بعضهم أنه عالم المثال، أي عالم لا يأوي إلا الصور المجردة".36
لقد كان الإمام النورسي حريصا على تعليم تلامذته ومحبيه أن كل علم من العلوم التي يقرءونها يبحث عن الله دوما، ويعرّف بالخالق الكريم بلغته الخاصة. فاصغوا إلى تلك العلوم دون المدرسين.. وهذا هو معنى الربط بين الآيات والقيم.
من موجبات اشتغال العقل الإيماني المؤيد أن لا تنفك معرفة موضوع أي علم عن معرفة الله تعالى فيه، فكل معرفة عقلية كاملة تشكل مفتاحا من مفاتيح الاهتداء إلى طريق الله بقدر ما هي علمك بالموضوع الذي تختص ببحثه وبالكشف عن قوانينه، فالموضوعات أو الموجودات التي تنظر فيها العلوم هي على التحقيق مجلى قدرة الله ومظهر صنعه، وكل من سرح فيها فكره، وكان ذا عقل كامل، وجب أن يدركه فيها، وأن يزداد اقترابا منه."37
في استعارة رائعة يقول النورسي: "إن القرآن الحكيم بمثابة عقل الأرض وفكرها الثاقب، فلو خرج القرآن -والعياذ بالله- من هذه الأرض لجُنّت الأرض."38
إن جنون الأرض هو جملة الأمراض والأزمات التي تنبأ بها النورسي عندما تنفصل الآيات عن القيم، فتتحكم في دنيا الناس القيم المادية التي تطحنهم في رحاها، فلا يعيش إلا القوي ولا يتأمر إلا المحتال الذكي ولا يكون مثلا أعلى إلا الفارغ الغوي.
إن الأرض إذا خلت من القرآن، أي من نظام القيم الحافظة لانهيار الإنسان، تحولت إلى غابة يأكل فيها المتغلب المستضعف، واستحالت إلى حلبة ليس فيها معنى إنساني إلا الصراع الحيواني النيتشوي على المقدرات والمصالح... ولانعدم منها كل إحساس بالحاجة إلى التراحم، وبالتالي لتحول العالم إلى شتات في قفص فولاذي بارد، ذلك أن الرحمة "ليست خيرا ينبغي على كل واحد تحصيله فقط، بل إن الخير الذي تمثله هو بالذات ربط الصلات بين الناس كافة، بمعنى أن وجود الكونية منوط بوجود الرحمة، فبقدر ما يمارس الناس الرحمة فيما بينهم، تأتلف قلوبهم وتجتمع عقولهم، ومتى عرفنا أن التراحم لا ينحصر في وصل البشر بعضهم ببعض، بل يصل جميع الكائنات فيما بينها، ناطقة أو صامتة، متحركة أو ساكنة، أدركنا أن كونية الرحمة لا تعدلها كونية كما أدركنا خطأ أولئك الذين وقفوا الكونية على العقل النظري، أي العقل الذي انسلخ من رقة الإحساس وانعطاف الوجدان."39
إن الغاية من إعمال العقل عند الإمام النورسي هي تحقيق التفكر والاعتبار، ومقتضى الاعتبار -كما يقول طه عبد الرحمن- هو العبور من أحكام النظر إلى أسرار العبر،40 فيكون الإنسان المُعتبِر حقيقة هو من يرى الظواهر على أنها آيات، وينسب السيادة على الكون والوجود إلى صاحب هذه الآيات.
يعتبر الدكتور عبد الوهاب المسيري العقل المادي عقلا تافها وسطحيا، وهي النتيجة نفسها التي سبق إليها الإمام النورسي لأنه لا يمكنه أن يسأل أيا من الأسئلة الكلية والنهائية الكبرى (ما هو الإنسان؟ وما هو مصيره في الكون؟ كيف يواجه الموت؟ ما هو نطاق حدوده وشموليته؟) فهي أسئلة لا معنى لها من منظوره، وقضايا زائفة على حد قول الوضعيين لا يمكن البرهنة على صدقها أو كذبها".41
إن العقل الإيماني المؤيد ينطلق من الأسئلة الكلية، ويرتبط بها في اشتغاله وإبداعه، فتكون بمنزلة البوصلة التي تحفظه من التيه والانزلاق والشرود المعرفي.
مما غيم على العقل الغافل عن الله في عصر مكتظ بالكيف الوصفي مثل عصرنا نسيان الكيف التدبري من جراء الركام، ومن جراء رثاثة الإيمان وعمى القلوب التي في الصدور.
فتجد عقولا ماهرة بارعة في وضع أسئلة الكيف الوصفي الوظيفي، زاهدة يائسة من وضع سؤال لماذا. عقول بارعة ماهرة في الجواب المفصل المدقق المعزز بآلات الفيزياء وتفاعلات الكيمياء وأشعة الفحص وتاريخ الحقب وتجريب الوظائف.
وهم عن الآخرة هم غافلون، وعن ربهم وخالقهم لا يسألون.42
إن العلم بمعناه المادي قد فشل بالتأكيد في أن يوفر للإنسان الراحة النفسية والسلوى والرضا، لأنه في الوقت الذي وفر فيه عالما للكفاءة والفعالية والقياس والتنبؤ، قدم أيضا عالما فاقدا للمعنى الخفي ولا يهتم بالإشباع الروحي كما يؤكد ماكس فيبر، إنه عالم بارد غير مضياف، الحقيقة فيه ليست الجمال أو الفضيلة أو ما هو نافع ويخدم غايات نبيلة، إن القيمة والعاطفة والأمل والمخاوف ليست من اهتماماته.43
وإذا لم تكن هذه القيم الإنسانية من انشغالات العقل المادي واهتماماته، فإن النورسي يلح بالجواب على أن الإيمان هو الذي يقيم بين القلب والعقل،44 وهو الحارس المعنوي الأمين الذي يراقب ميولات النفس وتطلعاتها الفاسدة حتى يبقى الإنسان عبدا للّٰه الواحد الأحد متخلقا بالأخلاق المحمدية في زمن بات الخطر الكبير الذي يهدد حاضر ومستقبل الغرب هو الصعود المأساوي لنوع جديد من الأزمات: أزمة الإنسان.45
والحمد للّٰه رب العالمين.
* * *
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- الشرقاوي محمد عبد الله: الأسباب والمسببات: دراسة تحليلية مقارنة للغزالي وابن رشد وابن عربي ، بيروت : دار الجيل, 1997 .
- ابن عربي محيي الدين: التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2000.
- العلواني طه جابر: الجمع بين القراءتين، قراءة الوحي وقراءة الكون، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006.
- عمر عبد العزيز موسى: العقل والقلب في الطب والقرآن والسنة، كيف نثبت أن العقل بالقلب، دار السداد للطباعة الخرطوم، ط1، 2009.
- الغزالي أبو حامد: تهافت الفلاسفة، تعليق محمد السعيد محمد المكتبة التوفيقية مصر، 2003
- طه عبد الرحمن: العمل الديني وتجديد العقل، المركز الثقافي العربي، ط.2، 1997.
- طه عبد الرحمن: سؤال الأخلاق، مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، المركز الثقافي العربي، ط1، 2000.
- طه عبد الرحمن : الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري، المركز الثقافي العربي،ط1، 2005.
- طه عبد الرحمن، روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية، المركز الثقافي العربي، ط1، 2006.
- مانويل دودكيز: العقل وأوثانه: نقد فلسفي للعقل، ترجمة تقديم وترجمة عبد الله زارو، ضمن فكر ونقد، ع4.
- المسيري عبد الوهاب: دراسات معرفية في الحداثة الغربية، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006.
- المرزوقي أبو يعرب: مفهوم السببية عند الغزالي، تونس: دار بوسلامة, 1985.
- النفري محمد عبد الجبار: المواقف والمخاطبات، تحقيق آرثر أربري ؛ تقديم وتعليق عبد القادر محمود . - القاهرة : مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1985.
- النورسي بديع الزمان: كليات رسائل النور، ترجمة إحسان قاسم الصالحي.
- ياسين عبد السلام: محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى، مؤسسة الطباعة والتوزيع بالشمال، الرباط، 1994.
- ياسين عبد السلام: إمامة الأمة، دار لبنان للطباعة، ط1، 2009.
-John F. Haught. Science and Religion, Paulist press, New York, 1995.
- Philipe Saint Marc. L'Economie Barbare, Frison Roche, 1994
* * *
الهوامش:
1 أكاديمي مغربي
2 في الحرب بين العقل والهوى يراجع: ابن عربي: التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2000، ص37.
3 النورسي: المكتوب التاسع عشر، ص 118.
4 النورسي: الكلمات، ص16.
5 النورسي: الكلمات، ص 101.
6 النورسي: الكلمات، ص 235.
7 النورسي: اللوامع، ص 846.
8 مانويل دودكيز: العقل وأوثانه: نقد فلسفي للعقل، تقديم وترجمة عبد الله زارو، ضمن فكر ونقد، ع4، ص84.
9 النورسي : المثنوي العربي النوري، ص225.
10 النورسي: الكلمات، ص 319.
11 النورسي: اللمعات، ص177.
12 النورسي: الكلمات، ص 602.
13 ياسين عبد السلام: إمامة الأمة، دار لبنان للطباعة، ط1، 2009، ص124.
14 للتعرف أكثر على هذه المراتب، يراجع: طه عبد الرحمن: العمل الديني وتجديد العقل، المركز الثقافي العربي، ط.2، 1997، ص25 فما فوق.
15 النورسي: إشارات الإعجاز، ص 51.
16 النورسي: اللمعات، ص 21.
17 النفري عبد الجبار: المواقف والمخاطبات، تحقيق آرثر أربري؛ تقديم وتعليق عبد القادر محمود. - القاهرة: مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1985 . ص51.
18 النورسي: اللمعات، ص118.
19 النورسي: الكلمات، ص257.
20 النورسي: الشعاعات، ص117.
21 ياسين عبد السلام: إمامة الأمة، ص125.
22 النورسي: سيرة ذاتية، ص70.
23 ذكرت مادة "القلب" في القرآن أكثر من مائة وثلاثين مرة، ما منها لفظة تنصرف للعضلة الصنوبرية اللحمية، وذكرت في القران مادة "عقل" خمسين مرة، ما منها لفظة تدل على الآلة المشتركة. يراجع للمزيد: عمر عبد العزيز موسى: العقل والقلب في الطب والقرآن والسنة، كيف نثبت أن العقل بالقلب، دار السداد للطباعة الخرطوم، ط1، 2009.
24 النورسي : اللوامع، ص 848. وقد ورد مثل هذا الكلام عند ابن عبد ربه في العقد الفريد على أنه حديث، ولا نعلم صحته، جاء فيه: "العقل نور في القلب، نفرق به بين الحق والباطل، وبالعقل عرف الحلال والحرام، وعرفت شرائع الإسلام ومواقع الإصلاح، وجعله الله نورا في قلوب عباده يهديهم إلى هدى ويصدهم عن ردى" ج1/96.
25 العلواني طه جابر: الجمع بين القراءتين، قراءة الوحي وقراءة الكون، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006، ص20.
26 النورسي: الكلمات، ص240.
27 النورسي: الكلمات، ص 16.
28 النورسي: اللمعات، ص 552.
29 عن النظر الملكي والملكوتي عند النورسي يراجع ورقتنا في مؤتمر العدالة لأجل عالم أفضل للإنسانية: العدالة بين حكمة القرآن وفلسفة الإنسان: قراءة في التجربة الذوقية للحكيم النورسي، مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، ط1، 2007، ص414.
30 النورسي: الكلمات، ص 650.
31 الغزالي أبو حامد: تهافت الفلاسفة، تعليق محمد السعيد محمد المكتبة التوفيقية مصر، 2003، ص 168 فما فوق.
32 النورسي: اللمعات، ص 549.
33 النورسي: الكلمات، ص 327.
34 النورسي: الكلمات، ص 514.
35 يراجع: المرزوقي أبو يعرب: مفهوم السببية عند الغزالي، تونس: دار بوسلامة، 1985. والشرقاوي محمد عبد الله: الأسباب والمسببات: دراسة تحليلية مقارنة للغزالي وابن رشد وابن عربي، بيروت : دار الجيل, 1997 .
36 طه عبد الرحمن: الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري، المركز الثقافي العربي، ط1، 2005، ص47-48.
37 طه عبد الرحمن: العمل الديني وتجديد العقل، ص148.
38 النورسي: سيرة ذاتية، ص 396.
39 طه عبد الرحمن، روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية، المركز الثقافي العربي، ط1، 2006، ص254.
40 طه عبد الرحمن: سؤال الأخلاق، مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، المركز الثقافي العربي، ط1، 2000، ص 133.
41 المسيري عبد الوهاب: دراسات معرفية في الحداثة الغربية، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2006، ص354.
42 ياسين عبد السلام: محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى، مؤسسة الطباعة والتوزيع بالشمال، الرباط، 1994، ص 120.
43 John F. Haught. Science and Religion, Paulist press, New York, 1995.p15.
44 النورسي: الخطبة الشامية، ص73.
45 Philipe Saint Marc. L'Economie Barbare, Frison Roche, 1994. P15.
ةفرعم تناك نإف ،اهبلطي يتلا ةفرعملا ةعيبطب ةطبترم يناسنلإا لقعلا ةيدودحمو يتلاو ،ةربتعملا هسيياقمو هتاودأ قفو اهريسفتو اهفصو ىلع رادتقا هل ناك ةيعيبط ةيسح ءارو ام ةفرعم تناك اذإ امأو ،ةسيا قملاو ميمعتلاو ةظحلاملاو براجتلا ربع اهمكار ،طبختو صرخت اهيف لقعلا ملاك نإف ةعيبطلا ةرئاح ةليلك ذئنآ ريصت هسيياقمنلأ
Primary Language | Arabic |
---|---|
Journal Section | ARTICLES |
Authors | |
Publication Date | June 1, 2014 |
Published in Issue | Year 2014 Issue: 9 - Al Nur Issue 09 |