Yeni Sayfa 1حوار مع أ.د. ثروت أرمغانتستضيف مجلة النور للدراسات الحضارية والفكرية في عددها التاسع، أحد أبرز الأكاديميين في تركيا، أشرف وأدار المؤسسات العلمية، وصنّف في الدراسات الحقوقية والثقافية العامة ما بقي شاهدا على علو كعبه، وقد أجرت المجلة الحوار مع هذه القامة العلمية تأكيدا منها لوجوب التواصل المعرفي والحضاري بين مجمل الكفاءات الرسالية في الأمة الإسلامية في مختلف المراحل، خدمة لمقصد التعريف بعلماء الأمة، وتيسيرا لثقافة التواصل بين الأجيال بالتعرُف على الذين حافظوا على أمانة العلم والتربية غضة طرية كما أنتجها الأسلاف، ويتم ذلك ببيان مسالك تكوينهم، وطرق استفادتهم من أدبياتنا الأصلية والمعاصرة، اقتربنا في هذا العدد من الأستاذ الدكتور ثروت أرمغان، أردنا بهذا الحوار التأكيد على حضور رسائل النور عند جملة الأكاديميين الحضاريين، كما حاولنا الاقتراب من درسه لرسائل النور لأجل أن نستشف منه أهميتها في التدقيق المنهجي والقراءة الوظيفية للقرآن الكريم والسنة المطهّرة، وتحقيقا لهذا المسعى نستهل الحوار، بالتعرُّف إلى الأستاذ الكريم.السؤال الأول: نريد أن يتعرّف القارئ الكريم عن الأستاذ الدكتور ثروت أرمغان من الطفولة إلى الشيخوخة (وأنتم مازلتم شابا فكرا وحركة)؟الجواب: أستطيع أنْ أقول أني ولدت عام 1939م في مدينة أورفة التي تقع في جنوب شرقي تركيا والتي توفي فيها الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، ودرست المرحلتين الابتدائية والثانوية فيها، في سنة 1956 انتقلت إلى مدينة إسطنبول بقصد إكمال دراساتي العليا، حيث دخلت جامعة إسطنبول وسجّلت في كلية الحقوق، بعد أربع سنوات تخرجت منها؛ واجتزت امتحان الأكاديميين وانتسبت إلى قسم القانون الدستوري بصفة أستاذ مساعد، وبعد فترة ذهبت إلى أوروبا وبالضبط إلى ألمانيا الغربية حيث استفدت من منحة دراسية ألمانية تحت اسم (د. أ. د. د.).مكثت في ألمانيا سبع سنوات تقريبا في جامعة بولونيا وحصلت منها عام 1967م على شهادات أكاديمية واكتسبت خبرات معرفية ومنهجية كثيرة، ورجعت بعدها إلى تركيا واجتزت امتحان الأستاذ المساعد، ثم أصبحت أستاذا مساعدا في سنة 1971، وذلك بحسب النظام الجامعي المعمول به في ذلك الوقت، إذ انتظرت أربع سنوات بعد الحصول على الدكتوراه لأجل التقديم لنيل رتبة الأستاذ المساعد، فكان التوفيق بفضل الله حليفنا، حيث نلت رتبة أستاذ مساعد عام 1971م.وتقدّمت في الكلية نفسها لامتحان رتبة الاستاذ الدكتور في عام1977م، حيث وُفِقْتُ بعون الله تعالى لنيلها.كنت قبلها قد سافرت إلى الكويت، وكان ذلك عام 1975م، تلبية لدعوة جامعة الكويت ومكثت هناك حوالي ستة أشهر، ألقيت خلالها المحاضرات، وأنجزت عددا من البحوث، وترجمت الدستور الكويتي إلى اللغة التركية ونشرته في مجلة كلية الحقوق في جامعة إسطنبول، كما قمت بترجمة الدستور المغربي والسوري والعراقي إلى اللغة التركية، وشرحت قسما من هذه الدساتير.دعتني ألمانيا الاتحادية عدة مرات لإنجاز مجموعة من البحوث المتعلقة بالمجال الدستوري والفقه الإسلامي أيضا. بعد فترة دخلت إلى مجال الفقه الإسلامي، ومعلوم أنّ الفقه الإسلامي لم يكن يدرّس في بلدنا في المؤسسات الأكاديمية لطبيعة الدولة العلمانية في تركيا، لذلك أنا لم أدرُس ولم أدرّس الفقه الإسلامي، فحاولت أن أتعلمه في جوانبه المختلفة، وبدأت بعد فترة بإنجاز بحوث علمية في هذا المجال، منها: حرية التعبير عن الأفكاردور الحرب في الفقه الإسلاميالمساواة بين المرأة والرجل في الفقه الإسلامي.وقدمت عدة بحوث للنشر في المجلات المحكّمة التي كانت تصدرها كلية الحقوق بجامعة إسطنبول، رفضت إدارات المجلات النشر لأن القائمين عليها في ذلك الوقت كانوا أساتذة علمانيين متشددين في هذا المجال، فامتنعوا عن نشر كل ما له صلة بالإسلام والقيم الإسلامية أو الدينية لأنهم درسوا العلمانية، سواء أولئك الذين تخرّجوا من أوروبا أو من تركيا، لكن وبعون الله تعالى بعد أن حصلت على درجة الأستاذ المساعد شاركت بعدة مقالات وترجمت أيضا من اللغة العربية إلى اللغة التركية عدة بحوث متعلقة بالفقه الإسلامي. فُصِلْتُ من قِبَل الإدارة العسكرية من الجامعة سنة 1983م، وفقدت منصبي فيها، لذلك ذهبت إلى البنك الاسلامي للتنمية الذي مقره في المملكة العربية السعودية في جدة، وبعد النجاح بعون الله تعالى في الامتحان أصبحت باحثا في البنك الاسلامي للتنمية في مجال الفقه المالي أو فقه المصارف الإسلامية، ومكثت هناك سبع سنوات تقريبا، ثم تراجعت الإدارة العسكرية عن قرارها ودعتني إلى جامعة إسطنبول للمرة الثانية، وذلك بناء على عدة عرائض قدّمتها ضد قرارات الإدارة العسكرية، فنجحت بعون الله تعالى وعدت إلى منصبي. وفي سنة 2006 أُحلت إلى التقاعد من الجامعة لبلوغي سبعة وستين سنة من العمر.تفرّغت بعد التقاعد للاشتغال بالبحوث الإسلامية والقانون الدستوري وركزت أيضا على المجالات المتعلقة برسائل النور، والآن أدرّس القانون الدستوري والفقه الإسلامي في جامعة خاصة.السؤال الثاني: عاصر جيلكم جملة من التحولات التي تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والحضارية والتربوية، كيف كان تجاوبكم مع هذه المعطيات؟ وما قيمة رسائل النور في مثل هذا الوضع؟الجواب: تميّزت الظروف الاجتماعية والسياسية والحضارية التي عايشتها وجيلي بما يأتي:أولا: كانت تطبق في تركيا المبادئ العلمانية، يعني كانت الدولة علمانية والحياة أيضا علمانية، لم ندرس أي دين وأي قيم إسلامية في المدارس الابتدائية والثانوية ولا في الجامعة أيضا، أما الحكومة وعناصرها فقد كانوا أيضا يوالون العلمانية وبعيدون عن الإسلام.ثانيا: بالرغم من أنّ تركيا لم تدخل في الحرب العالمية الثانية فقد كان يسود فيها بعد الحرب الفقر والجوع وهذا بسبب الإدارة السيئة، فقد أصبحت تركيا في تلك الآونة جائعة، ولذلك لم نتمكن نحن من الوصول إلى حياة الرفاهية والمعيشة الجيدة بسبب الجوع والفقر.ثالثا: مرت طفولتي تحت حكم إدارة الحزب الواحد وهي إدارة حزب الشعب الجمهوري العلماني، وفي سنة 1950 بدأت تعددية الأحزاب في الحياة السياسية، وشاركت الأحزاب في الانتخابات البرلمانية، ونال الحزب الديمقراطي أكثرية ساحقة، بعد سنة 1950 بدأت فلسفة جديدة في كل المجالات وبدأ يحل السلام بين الدولة والشعب وخصوصا في مجال موقف الدولة من رسائل النور، بعد هذا العام بدأت رسائل النور تنتشر وتعرف بسهولة، كما بدأت محاكمات أستاذنا المحترم بديع الزمان سعيد النورسي أو ما شابه ذلك.السؤال الثالث: يلاحظ المستمع إلى جملة أسئلتكم واستفساراتكم الموجهة إلى الذين كتبوا عن رسائل النور، أنّكم من الذين تشرّبوا بها، متى كانت بدايات تعرفكم على رسائل النور، وما قصة هذه العلاقة؟الجواب: تعرفت على رسائل النور حينما كنت في المدرسة المتوسطة في عام 1952 م في مدينة أورفة، كان أخونا الكبير عبد الله يكن من تلامذة الأستاذ النورسي، وكان يقيم في مسجد بأورفة، وكان يشرح لنا حينما نذهب إليه ما هي رسائل النور وما هو الإيمان ولماذا نحتاج إلى تقوية الإيمان وما شابه ذلك، فما كانت الدروس موجودة كما هي اليوم (دروس يومية وأسبوعية وكذا اجتماعات طلاب النور بشكل مكثف) لأن الأخ عبد الله يكن كان ممنوعا قانونا وفعليا من تنظيم اجتماعات متعلقة برسائل النور، حيث إنّ مفتي المدينة كان يمنعه من تنظيم هذه اللقاءات والاجتماعات، وهذا فضلا عن منع الإدارة الرسمية للاجتماعات، لهذا يمكن أن أقول بأنّ مرحلتي الطفولة والشباب قد مرّتا تحت الإدارة العلمانية السيّئة زيادة إلى الأوضاع الاجتماعية المزرية، فقد كان الجوع والفقر السمة العامة.السؤال الرابع: لو طلب من سيادتكم المقارنة بين مرحلتين في العمر، الفاصل بينها رسائل النور، فما الفرق بين المرحلتين، مرحلة ما قبل الرسائل ومرحلة ما بعدها؟الجواب: بعد أن تعرفت على رسائل النور طبعا تغيّرت حياتي وتغيّرت محاكماتي العقلية على النحو الآتي:قبل كل شيء بدأت أتعلم قراءة القرآن الكريم والصلاة، فما كنت أعرف قراءة القرآن الكريم، ثم بدأت قراءة رسائل النور يوميا حيث كنت أقرأ على الأقل نصف ساعة في اليوم، وعندما أجد كلمة لا أفهمها أسأل العارفين مثل الأستاذ عبد الله يكن وغيرهم من الإخوة الكبار، وأكرر القراءة عدة مرات في اليوم إلى غاية سنة 1956م، حيث أكملت قراءة رسائل النور كلها وذهبت إلى إسطنبول وهناك وجدت بيئة مناسبة كانت تنظم اجتماعات مرة في الأسبوع في حي السليمانية، وكنت أحضر وأستمع إلى قارئ رسائل النور الذي يقرأ ويشرح لنا، لكن هذه الاجتماعات كانت خطيرة للغاية لأن الحكومة لا تسمح بها. كنت أداوم على الحضور بالرغم من الخطورة التي كانت تواجهنا؛ وكان المنع الحكومي لمثل هذه الاجتماعات دون سند قانوني صريح يحظر هذه الاجتماعات قانونا، إلا أنّها فعليا مطبقة، لهذا كنت أتوجّس خيفة من الرقيب وأنا خارج من بيتي متوجهاً إلى مكان الاجتماع، لأنّني قد أتعرّض في أي لحظة للمساءلة أو الاعتقال من قبل الشرطة، لأنّها كانت تسعى إلى القبض بالحاضرين في الاجتماع. ولا أستطيع أن أعبر اليوم عن مدى خوفي في ذلك الوقت لأني كنت طالبا، وإذا تمّ القبض عليّ فسوف تضيع دراستي الجامعية، ولهذا كنا دائما بين الخوف والرجاء؛ الرجاء في الله طبعا والخوف منه، والخوف البشري من الشرطة، لأنني لم أدخل إلى السجن إلا مرّة واحدة، مكثت فيه يوما واحدا وذلك في سنة 1982 عندما كنا مجتمعين في الدرس؛ فدخلت الشرطة إلى المدرسة فقبضت علينا جميعا وأخذتنا إلى السجن ومكثنا هناك إلى الصباح لكن المحكمة أطلقت سراحنا.السؤال الخامس: ما درجة استحضاركم لرسائل النور في عملكم الأكاديمي؟ وخاصة في مجال تخصصكم الأصلي"القانون الدستوري"؟ وأعمال الأستاذ غنية بنقد الأوضاع إشارة حينا وعبارة أحيانا أخرى.الجواب: استفدت من رسائل النور كثيرا في عملي الأكاديمي لأنه قبل كل شيء تطورت لغتي التركية بالرغم من أن لغتي الأم هي التركية إلا أنني أقول ذلك لأن الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي كان يستعمل في مؤلفاته كلمات ومصطلحات مناسبة وعلمية ودقيقة وجذابة جدا، لأنه استفاد من الكتب القديمة، وأنا استفدت منه، لذلك أستطيع أن أقول أنه بقراءة رسائل النور تطورت لغتي كتابة وشفاهيا أيضا. وبعد فترة قمت بإنجاز بحوث قانونية واستفدت أيضا في هذا المجال من رسائل النور، كمثال: مرة قررت أن أؤلف مقالة علمية عن حماية البيئة من التلوث، فقررت كلية الحقوق أن تصدر كتابا خاصا عن هذا الموضوع، وأنا استفدت من اللمعة الثلاثين حيث تحدث أستاذنا عن اسم القدوس وأيضا عن تنظيف البيئة وتلوت البيئة، استفدت من هذه الرسالة وألفت مقالا خاصا تحت عنوان: "الخطوط الرئيسية لحماية البيئة في الفقه الإسلامي"، فقدمت بحثي إلى عمادة كلية الحقوق وقد مر في ذهني أن إدارة الكلية لن تقبل هذا البحث لأني استفدت من رسائل النور ومن الأحاديث الشريفة وغيرها من الأمور الدينية... بعد فترة وجيزة دعاني عميد كلية الحقوق وقال لي: لماذا ألفت هذا المقال؟ ولماذا استفدت من رسائل النور وأنت تعرف أننا ضد هذه الأفكار وضد القيم الإسلامية ورسائل النور، وبالرغم من هذا ألفت مقالا استنادا إلى هذه القيم الإسلامية وأفكار سعيد النورسي؟ فشعرت وكأنه يطلب مني أن أراجع نفسي وأعود عن مقالتي وأنا كنت قد أرسلت مقالتي للنشر، خرجت من غرفته وبعد هذا توصلت برسالة خاصة من عميد الكلية يقول فيها: "زميلي الأستاذ ثروت أرمغان، نحن ضد هذه الأفكار الإسلامية ورغم هذا قررنا أن ننشر مقالكم في المجلة الأكاديمية العلمية". وبعون الله تعالى في عام 1992 أي قبل 20 سنة تقريبا نشر المقال وكان أول مقال عن حماية البيئة. أستطيع أن أقول أن رسائل النور كانت معجزة بالنسبة لي لأنها ساعدتني كثيرا في عملي الأكاديمي حيث تعلمت المبادئ الإسلامية وعناصر الفقه الإسلامي خصيصا، فقد استفدت مثلا من الكلمة السابعة والعشرين في موضوع الاجتهاد، كما استفدت من مؤلفات الأستاذ النورسي القديمة من نحو المناظرات والخطبة الشامية وما إلى ذلك.السؤال السادس: بناء على ما سلف هل يمكن أن يقال إن رسائل النور نافعة لكل التخصصات، أم أنّها نافعة للإنسان من حيث كونه إنسانا؟الجواب: أستطيع أن أقول بأن رسائل النور نافعة لكل التخصصات، ولو ركزنا على المباحث في رسائل النور وقرأنا بدقة نجد عناصر مهمة متعلقة بتخصصات مختلفة، هنا أحب أن أضرب لكم مثالا طريفا من قصيدة أحمد غالب، فهو كان مدرسا في المدرسة الابتدائية في بارلا التي عاش الأستاذ بديع الزمان فيها، وقد أنشد شعرا قدمه للأستاذ سعيد النورسي، وقد وافق الأستاذ عليه ونشره في ملحق بارلا. قال فيه الشاعر: فتحت عليه الأبواب الكثيرة من أقصى العلوم بالرشادالواقع أنني تعلمت من رسائل النور عدة علوم: علم الحديث وعلم التفسير وعلم المنطق كما تعرّفت على علوم متداولة في المذاهب وعلم الاجتهاد وما شابه ذلك. طبعا مضمون رسائل النور واسع جدا ولا أستطيع أن ألخصه في جملتين أو ثلاث، لكن أستطيع أن أقول أني وجدت فيها العناصر التي تؤدي بالقارئ إلى تقوية الإيمان وأيضا وجدت اللغة السليمة وثالثا وجدت فيها إفادة المقصد؛ يعني أن الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي كان يبلغ قصده وأغراضه كما ينبغي بأسلوب قوي أخّاذ، فلا يستعمل كلمة ضعيفة أو غريبة عن السياق، كما أنّه خاطب القارئ وفق المسالك النافعة ووفق ما ينبغي أن يكون عليه أسلوب الإقناع.وكان لقراءة رسائل النور أثر محمود على بحوثي، فأنجزت عدة مقالات وكُتب عن رسائل النور، منها بعض ما أشرنا في السابق، ومنا أيضا ألّفت عن بديع الزمان النورسي مسالكه في المرافعة عن حقوقه وحريته، ويحتوي هذا الكتاب الخاص على ستمائة صفحة تقريبا، لخصت كيفيات الأستاذ بديع الزمان في مراجعة المحاكم، كما بيّنت ما كتب من عرائض مقدمة إلى الهيئات الإدارية أو الأجهزة الإدارية، مما وفّر لي فرصة اكتشاف ما استعمل ووظف من كلمات وأساليب، وقد سعيت في هذا الاتجاه لمدة غير قصيرة؛ فألفت إلى حد الآن- عشرين مقالا خاصا عن رسائل النور، منها مثلا: - مدرسة الزهراء - الاتحاد الاسلامي - إدارة الدولة... وما شابه ذلك.وبالرغم من السمة الموسوعية والشمول والتكامل الظاهرة في رسائل النور، إلاّ أنّ بعض القضايا تعد محورية ورئيسة فيها، فالتفكر الإيماني في القرآن الكريم من القضايا الجوهرية في الرسائل، فلها الصدارة، وبهذا الصدد فإنّ لرسائل النور دورا هاما في تعليم المنطق والمحاكمة، وفهم المتن كما ينبغي. مثلا يذكر بديع الزمان بيتاً للمتنبي: وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيحاً وَآفَتُهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِيعني أن الإنسان قد لا يفهم، بالرغم من صحة المتن ومتانته وصحة النقل، أي أنّه مع الوضوح اللازم الجلي لا يستطيع أن يفهم، هذا يعني أنه يشوّق ويشجع القارئ على أن يفهم كما ينبغي، ويقول أيضا في مقال قديم نشره في 1908بيتاً آخر للمتنبي: إِلَىَّ لَعَمْري قَصْدُ كُلِّ عَجيبَةٍ كَأني عَجيبٌ في عُيُون العَجَائبيعني، الواقع أن الإنسان يستطيع أن يجد كل ما يحتاج في مجال العلم والدين والإسلام والإيمان.السؤال السابع: ما أبرز ما استوقفكم في رسائل النور، من حيث مضمونها العام، وموضوعاتها ومنهجا؟طبعا رسائل النور امتازت بالشمولية والتكاملية، فهي تشمل مجالات الحياة والتفكر والعلم، حيث تتبوّأ منزلة رفيعة، ولها دور هام في تعليم وتفهيم وإدراك الفقه الإسلامي والإسلام من كل جوانبه.نعم كما سبق وذكرت أني أنجزت عدة بحوث في البنك الإسلامي للتنمية في مجالات مختلفة خصيصا المجالات الفقهية المعاصرة، حيث كتبت بحوثا عن المصارف الإسلامية بيّنت فيها كيفياتها من الناحية الفقهية، منها على سبيل المثال لا الحصر، تعريف حقيقة المضاربة والمشاركة والمرابحة؟ وماهي أنواع الشركات في الفقه الإسلامي؟ ومعنى التسعير في الفقه الإسلامي، وأيضا عقود العمالة في الفقه الإسلامي سبع سنوات. يعني أنني اشتغلت في هذه المواضيع المختلفة وفي كل بحوثي استفدت من رسائل النور، ووجدت العناصر المختلفة والمهمة والحيوية. والحمد للّٰه قدمت إلى إدارة البنك الاسلامي أكثر من عشرة مقالات في غضون سبع سنوات، وقُبلت كلها ولم يرفض منها أي بحث، بل على العكس من ذلك وجدوها كلها جيدة وعلمية ومعقولة على الرغم من كونهم لا يعرفون رسائل النور، ومن خلال هذه البحوث سمعوا بسعيد النورسي، وفي تلك السنوات كان ممنوعا علينا أن نُدخل رسائل النور إلى المملكة العربية السعودية ورغم ذلك قمت بإدخالها لأني كنت أعمل في البنك الإسلامي وكان مستواي عال جدا لذلك لم أكن مراقبا ولا راقبوا نوع الكتب والمؤلفات التي أدخلها ولا مؤلفاتي ولا أوراقي عند الجمارك في الحدود السعودية، فأتيت بالكتب كلها إلى المملكة العربية السعودية ووضعتها في مكتبي وفي منزلي أيضا، واستفدت منها بعون الله تعالى في المؤتمرات الدولية لرسائل النور، وشاركت فيها كلها، ثم جمعت هذه البحوث ونشرت كلها وعندي منها نسخ أحتفظ بها، وهي باللغة التركية، لأن غالبية رسائل النور ألفت باللغة التركية، وأردت أن أستفيد من رسائل النور من لغتها الأصلية. وفي المستقبل إن شاء الله أسعى لكتابة مقال خاص باللغة العربية.السؤال الثامن: سيدي الكريم، كيف السبيل إلى جعل رسائل النور قيمة مضافة لمسارات الإصلاح في العالم الإسلامي، وهذا مع ملاحظة اختلاف مسالك ومناهج مرابطة أهلها.والله إن الزعماء السياسيين في تركيا وفي العالم الإسلامي يجب أن يستفيدوا من رسائل النور، ولو استفاد زعماء العالم الإسلامي من رسائل النور، لما صارت هذه الحالات السيئة في مصر وتونس وليبيا وما شابه ذلك، لأن هذه الحالة السيئة المؤلمة تنبثق عن الفهم السيئ للمنطق الإسلامي أو التفكر الإسلامي، يعني أنهم لو تعمقوا في رسائل النور تعمقا جيدا وكما ينبغي ما صارت هذه الحالة المؤلمة مثلا في مصر والعالم الإسلامي وخصيصا في مصر وسوريا. يعني أنّ المسلمين أخطأوا منهجيا حيث لا تتماشى هذه المناهج التي نهجوها مع المناهج الإسلامية التي تعلمناها في رسائل النور.السؤال التاسع: درجنا في كلّ سنة دراسية على تنظيم لقاء الأكاديميين الشباب المهتمين بدراسة رسائل النور، بماذا تنصح هؤلاء الشباب الجامعيين.الجواب: نصيحتي إلى الباحثين الجدد والقدامى الذين يريدون أن يقوموا بالبحوث الاسلامية عن رسائل النور، أولا وقبل كل شيء أن يفهم قصد رسائل النور جيدا وثانيا أن يركز على نقطة معينة دائما (مونوغرافي في اللغة الفرنسية) التي تعني التخصص في مجال معين وفي نقطة معينة لأننا لا نستطيع أن نؤلف كتابا خاصا عن رسائل النور كلها لأنها تتحدث عن علوم مختلفة. لكن نصيحتي أنا شخصيا على القارئ الباحث أن يركز نفسه ووقته وجهده على نقطة معينة، يعني أن يتخذ موضوعا معينا مثلا: منهج الاجتهاد من منظور بديع الزمان سعيد النورسي، منهج السياسة من منظور سعيد النورسي... وأنصح خصيصا إخواني العرب أن يركزوا على مؤلفات بديع الزمان سعيد النورسي باللغة العربية، فكما تعلمون ألف أستاذنا في بداية الأمر باللغة العربية لأن لغته سليمة، في حين كانت لغته التركية ضعيفة في البداية، أي في سنة 1918 بداية إعلان الجمهورية، فلماذا لا تركزون مثلا على إشارات الاعجاز في القرآن؟ ولماذا لا يركز الباحثون العرب على الخطبة الشامية من كل مجالاتها، ويستطيعون أن يجدوا مواضيع مختلفة.السؤال 10: نستنصح سيادتكم، هل من مقترحات عن الملفات الأَوْلَى بالدراسة في العصر الحديث.الجواب: أتوجه إلى القارئ بأن يقرأ رسائل النور بكثرة، على الأقل نصف ساعة يوميا.ثانيا: أن يسعى بجد لفهم رسائل النور كما ينبغي.ثالثا: إن لم يفهم فينبغي له أن يرجع إلى عالم أو من يعرف رسائل النور كما ينبغي.رابعا لابد أن يستفيد من قاموس يضعه دائما في يده، ولابد أن يوجد قاموسا خاصا حيث إن أخانا عبد الله يكن ألف قاموسا خاصا للقارئ التركي طبعا، فهو ألفه لكن في نفس الوقت قام بترجمة الكلمات والمصطلحات التي لا نعرفها ولا نفهمها، فنستطيع أن نجد في هذا القاموس ما نريد. وأنصح أيضا القارئ العربي أو التركي أن يجمع المصطلحات الفقهية والعلمية من رسائل النور لأن رسائل النور تتضمن مصطلحات فقهية متعلقة بالفقه مثلا أو بالتفسير والحديث وأصول الحديث أو ما شابه ذلك... وحتى الآن لم نجمع أو لم نختر هذه المصطلحات ونجمعها في كتاب معين. وأنا اقترحت هذه النقطة في اجتماعات مختلفة على إخواننا الأعزاء. نحن جمعنا الكلمات العربية أو الفارسية في قاموس معين لكن أيضا ينبغي أن تجمع مصطلحات المجالات المختلفة كذلك. * * *
هل ام لك رشن نع اوعنتماف ،لاجملا اذه يف نيددشتم نييناملع ةذتاسأ اوناك تقولا نيذلا كئلوأ ءاوس ،ةيناملعلا اوسرد مهنلأ ةينيدلا وأ ةيملاسلإا ميقلاو ملاسلإاب ةلص ةجرد ىلع تلصح نأ دعبىلاعت للّ ا نوعبو نكل ،ايكرت نم وأ ابوروأ نم اوج رخت
| Primary Language | Arabic |
|---|---|
| Journal Section | ARTICLES |
| Authors | |
| Publication Date | June 1, 2014 |
| Published in Issue | Year 2014 Issue: 9 - Al Nur Issue 09 |