إن أبا بكر بن العربي (المتوفى سنة 1148/543 الذي ولد وترعرع في الأندلس هو عالم منتج، برع في مجالات التفسير والحديث والفقه وأصول الفقه وعلم الكلام. وقد أتى ابن العربي الذي عمل كقاضٍ في إشبيلية من الأندلس إلى بغداد فقط من أجل أن يلتقي بالغزالي هناك، حيث أقام مع الغزالي لأيام عدة ودارت بينهما مناظرات ومناقشات علمية، فقد دخل ابن العربي مع الغزالي في مناظرات حول كافة المجالات المتعلقة بالعلوم الدينية وفي مقدمتها التعليم وعلم الكلام. وكان ابن العربي قد قام لاحقاً بتأليف كتاب خاص يحتوي على المواضيع الخاصة بتلك المناظرات التي أقامها مع الغزالي. وفي كتابه هذا قام ابن العربي بتناول الأسلوب التناظري للغزالي والأدلة التي ساقها وكذلك موقفه تجاه الاعتراضات التي طرحها، كما أنه أدلى فيه بتعقيباته تارة بدحض آرائه هو وتارة بالدفاع عنها. وقد قام ابن العربي الذي عاد إلى دياره الأندلس بعد رحلة سفر استمرت لعشرة أعوام بنقل ما قابله من أوضاع خ الل رحلته هذه التي قام بها إلى الشرق، كما قام في الوقت نفسه بتعقيب نقدي يتناول الفروق بين مسلمي الشرق والتقاليد الإس المية الغربية. بالإضافة لذلك فقد قام ابن العربي أيضاً بتوجيه النقد للتعصب المذهبي الأعمى الذي كان عليه مسلمو الأندلس وشمال إفريقيا في عهده. وفي الوقت الذي كان فيه ابن العربي يوجه انتقاداته للغزالي من جانب، كان من جانب آخر قد وقف بقوة ضد مقاطعة العلماء ممن كانوا يعيشون في ب الده للغزالي. وكان قد انتقد بقوة كذلك أمر الزمرة الحاكمة بحظر كتب الغزالي ومؤلفاته. حتى إنه كان له مساهمة مهمة وكبيرة في كسر التعصب المذهبي في عموم الأندلس، وكذلك في إنهاء المقاطعة التي استهدفت الغزالي هناك. ولا شك أن الوسط الخاص بهذه المناظرة التي تعود للعصر التقليدي يتمتع بطبيعة منهجية من شأنها أن تسلط الضوء على حدود وأبعاد النقد والتحمل القائم بين مفكري المسلمين في يومنا الحاضر.
Primary Language | Arabic |
---|---|
Subjects | Religious Studies |
Journal Section | المقالات البحثية |
Authors | |
Publication Date | February 23, 2021 |
Published in Issue | Year 2020 Volume: 2 Issue: 2 |