BibTex RIS Kaynak Göster

النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر

Yıl 2013, Cilt: 7 Sayı: 7, - , 01.06.2013

Öz

النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر

أ. د. عبد المنعم يونس1
بين يدى هذا البحث:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
فقد عشت طفولتي الأولى في قرية من قرى صعيد مصر، وعندما وصلت إلى مرحلة الفهم والإدراك وجدت الناس في قريتى منقسمين فريقين: فريقًا ينخرط في سلك طريقة صوفية تدّعى لنفسها أمورا قد تكون بعيدة عن العقل، أو لا يستطيع تصورها أولو الفهم والحجا، فهم يدعون أن شيخهم لم يمت، وإنما رحل ليعود مرة أخرى في صورة المهدي المنتظر، وفريقاً آخر تمثل في هؤلاء الذين حصلوا العلم من مصادره الحقة، وتخرجوا في الأزهر الشريف، وهؤلاء قامت بينهم وبين الفريق الأول معارك ضارية، كل يسفه أحلام الآخر، ونشأ بينهم صراع تمثل في قولهم هؤلاء علماء الشريعة ونحن أهل الحقيقة.
والفريق الأول يشير إلى قوله تعالى في سورة الكهف حكاية عن سيدنا موسى وفتاه ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾،الكهف: 65 وهم يقصدون بذلك أن العلم علمان، علم يحصله الإنسان بنفسه، ينخرط فيه إلى معلم، ويحصل منه ما استطاع تحصيله وعلم يهبط على المرء من لدن الذات العلية، وهو ما منّ الله به على الأنبياء والمرسلين والأصفياء والصالحين، والعلم الثاني هو العلم اليقينى، وهو الفضل الربانى.
هذه المعركة عاصرتها قبل أن أختلف إلى الأزهر، وأنخرط في طلب العلم شأنى شأن كثيرين من أترابى، لكن نفسى ما فتئت تحدثنى عن تجربتها الأولى، وهل من سبيل إلى فهم ما كان يدور في مجتمعنا الصغير، حتى تخرجت في الأزهر، وبدأت مرحلة الدراسات العليا في كلية اللغة العربية، فوجدتنى مدفوعًا إلى قراءة متأنية في الأدب الصوفى،2 ووجدتنى عاكفًا على تلك النفحات الصوفية التي خلفها إمام التصوف في عصره "ابن الفارض".3
ما قصدت بالكتابة عن التصوف الحديث الإشارة إلى عن التصوف الحديث عن تلك النظريات الفلسفية والآراء المتشعبة التي زخرت بها كتب الفلسفة والعقائد، ولكننى قصدت الإشراقات الروحية التي كان الشعراء الصوفيون يتحدثون عنها، ويتغنون بها، ويشدون بألحانها، وهو ما يتضح من مدلول كلمة التصوف، فقد عزاها البعض إلى الصفاء، وهو الهدوء ونقاء القلب، وطهارة الجوارح، لقد كان أدبهم دالاً على الأدب الروحى العظيم، فقد كان هذا الأدب من أغنى الآداب بمعانيه وأفكاره، ومن أقواها في شعره ونثره، لقد وجد هذا الأدب شعراء وكتابًا مرهفى الحس، واسِعى التفكير، يمتلكون ناصية التعبير عما يختلج في نفوسهم وتجيش به صدورهم من مواجد وتأوهات ومن حب قد ملك منهم كل جوارحهم وأحاسيسهم.
هذا وللصوفية آداب خاصة، ومفاهيم معينة اصطلحوا عليها، وذكرها أيضًا ابن خلدون بقوله: "ثم لها آداب مخصوصة، واصطلاحات من ألفاظ تدور بينهم إذ الأوضاع اللغوية إنما هي للمعانى المتعارفة، فإذا عرض من المعانى ما هو غير متعارف اصطلحنا في التعبير عنه بلفظ مخصوص بالقوم في الكلام في المجاهدة، ومحاسبة النفس عليها، والأذواق والمواجيد العارضة في طريقها وكيفية الترقى منها من ذوق إلى ذوق، ويعقب على ذلك الأستاذ أحمد أمين بقوله: "التصوف يعتمد على الذوق والمواجيد أكثر مما يعتمد على المنطق، والعقل في نظرهم أداة غير صالحة إن استطاع إدراك ظواهر الأشياء فهو لا يصلح مطلقًا في استكناه الحقيقة، لأن العقل لا يعرف إلا ما يقع عليه الحس، أي لا يعرف الأشياء إلا في ظواهرها، أما الأشياء حقائقها وكنه وجودها فمن وراء طاقته أبدًا، والصوفية تمتاز بتمجيد الله والخوف منه والإحساس العميق بضعف النفس والخضوع التام لإرادة الله القوية، والاعتقاد التام بوحدانيته".4
ومن هنا جاء أدبهم من لون خاص، وجاء اهتمام العلماء والكتاب به، وزاد اهتمامهم عندما وجدوا فيه القوة والنضوج، ومعالجة الأدواء وسير أغوار النفس، حتى إن الجاحظ اهتم بأدب الزهاد والنساك اهتمامًا واضحًا في كتاب البيان والتبيين - الجزء الثالث، كما عقد بن قتيبة فصلاً في كتابه "عيون الأخبار الجزء الثانى" أسماه "باب مقامات الزهاد بين يدى الأمراء والخلفاء".
لقد أكثر الجاحظ من ذكر أقوال الزهاد والنساك مما دفع الدكتور زكى مبارك إلى محاولة الموازنة بين الأقوال التي ذكرها الجاحظ، فقال: "والفرق واضح بين قول بن سيرين: "ما حسدت أحدا على شيء قط"، وبين قول أبى الدرداء: [كان الناس ورقًا لا شوك فيه، وهم اليوم شوك لا ورق فيه]، فالعبارة الأولى خلق محض والعبارة الثانية أدب صرف، وكانت الأولى خلقًا محضًا لأنها تعبر تعبيرًا ساذجًا عن معنى من أشرف المعانى الخلقية، وكانت الثانية أدبًا صرفًا لأن جمالها يرجح ما وشاها به القائل، وكلتا العبارتين صدرتا عن أنفس مشبعة بروح التصوف".5
اجتمع الأدب والخلق في تعبير واحد، فقول أبى حازم: "الدنيا غرّت أقوامًا فعملوا فيها بغير الحق ففاجأهم الموت فخلفوا ما لهم لمن لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، وقد خلقنا بعدهم، فينبغى لنا أن ننظر إلى الذي كرهناه فنتجنبه، وإلى الذي غبطناهم به فنستعمله".6
والخلق في هذه العبارة يتمثل في التربة النفسية التي دعا إليها صاحب هذه الحكمة، أما الأدب فيتمثل في قوله: "خلفوا ما لهم لمن لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، وهو كلام بيّن، ولمن يتأمله غاية في روعة الخيال".7
سيطر الصوفية على الناس بأدبهم الرائع، ونفحاتهم العظيمة، حتى لقد كان الحسن البصرى من أعظم الناس في قوة البيان ورهافة الحس، وغزارة المعانى، يقول الجاحظ عنه: "قال شيخ أهل المدينة: ما كنت أريد أن أجلس إلى قوم إلا وفيهم من يحدث عن الحسن وينشد للفرزدق"، هذا يعنى أن الناس قد شنّفت آذانهم حكم الحسن البصرى، وقرعت أسماعهم مواعظه حتى أصبحوا لا يطربون لشيء طربتهم لسماع ذلك الصوفى الكبير أو سماع مواعظه وحكمه.
وبعد الحسن البصرى (تـ 110هـ) حمل راية الأدب الصوفى أئمة أجلاء وجعلوا العالم ينظر إليهم نظرة إجلال وإكبار، وأن يتحفوا الأدب العربى بفرائد ودرر ثبتت للعواصف، وصمدت أمام التيارات وبقيت على رونقها وعظمتها بالرغم من قوة الضربات التي وجهت إليها وشدة الحملات التي سلطت عليها.
تذكرت هذه الأشياء وأنا أقرأ في رسائل النور للصوفى المبدع بديع الزمان سعيد النورسى ترجمة إحسان قاسم الصالحى، وقبل أن أعرض بعض ما ورد في هذه الرسائل، وبخاصة تلك التي جاءت تحت عنوان: "أنوار الحقيقة، مباحث في التصوف والسلوك" أحب أن أتوجه بكلمة إشادة أوجهها إلى المترجم إحسان قاسم الذي نقل إلى العربية تلك الرسائل في أسلوب رائع، وأدب بديع، لأن القارئ لهذه الرسائل لا يحس مطلقًا أنها كتبت بالتركية، ثم ترجمت إلى العربية، وإنما يوقن تمامًا أن روح كاتبها تدب فيها، وهذه قدرة فائقة في الترجمة لا يستطيعها إلا أولئك الذين كانوا ضالعين في كلتا اللغتين المترجم منها والمترجم إليها.
لقد اتجه المترجمون إلى الغرب في عصر النهضة، ينقلون علومهم ومعارفهم، واتجه محبو المعرفة إلى تلك العلوم المترجمة، ولكنهم كانوا يجدون غضاضة في نفوسهم لسوء الترجمة، وبعضهم كان يترجم ترجمة حرفية فتأتى العبارة مفككة، ويأتى الأسلوب ضعيفًا، لكننا عندما نقرأ رسائل النور نجد فيها الفكر الرائع، والأسلوب الذائع، واللغة المنتقاة، وكما قلت نجد روح النورسى ماثلة أمام القارئ وكأن النورسى هو الذي كتب هذه الرسائل بلغة عربية رائقة، وهذا هو الذي جعلني أبدى إعجابي الشديد بالأستاذ إحسان قاسم الصالحى، وأسأل الله أن يجعل ذلك الجهد في ميزان حسناته.
إنك أيها القارئ الكريم تعجب أيما إعجاب عندما تقرأ أي جزء من الأجزاء التسعة التي اشتملت عليها هذه الرسائل، أو عندما تقرأ ما أستل منها من تلك الأجزاء القصيرة التي حاول بها محبو النورسى أن تكون سهلة بين يدى القراءة، إسمح لي قبل أن أعرض عليك جانبًا من هذه الأجزاء القصيرة أن أضع بين يديك تلك الحكاية التي بدأ بها النورسى رسائله فقد جاء في الجزء الأول المعنون له بعنوان الكلمات ما يلى:
الكلمة الأولى بسم الله رأس كل خير، وبدء كل أمر ذى بال، فنحن أيضًا نستهل بها. فيا نفس إعلمى أن هذه الكلمة المباركة كما أنها شعار الإسلام، فهى ذكر جميع الموجودات بألسنة أحوالها.
فإن كنت راغبة في إدارك مدى ما في "بسم الله من قوة هائلة لا تنفذ، ومدى ما فيها من بركة واسعة لا تنضب، فاستمعى إلى هذه الحكاية التمثيلية القصيرة:
إن البدوى الذي ينتقل في الصحراء، ويسيح فيها لابد له أن ينتمى إلى رئيس قبيلة، ويدخل تحت حمايته كى ينجو من شر الأشقياء، وينجز أشغاله، ويتدارك حاجاته، وإلا فسيبقى وحده حائرًا مضطربًا أمام كثرة الأعداء، ولا حد لها من الحاجات.
وهكذا فقد توافق أن قام اثنان بمثل هذه السياحة، كان أحدهما متواضعًا، والآخر مغرورًا فالمتواضع انتسب إلى رئيس، بينما المغرور رفض الانتساب، فتجولاً في الصحراء.. فيما كان المنتسب يحل في خيمة إلا ويقابل بالاحترام والتقدير بفضل ذلك الاسم، وإن لقيه قاطع طريق يقول له: إننى أتجول باسم ذلك الرئيس، فيتخلى عنه الشقى، أما المغرور فقد لاقى من المصائب والويلات ما لا يكاد يوصف إذا كان طول السفرة في خوف دائم، ووجل مستمر وفى تسول مستديم، فأذل نفسه وهانها.
فيا نفسى المغرورة إعلمى أنك أنت ذلك السائح البدوى، وهذه الدنيا الواسعة هي تلك الصحراء، وإن فقرك وعجزك لا حد لهما، كما أن أعدائك وحاجاتك لا نهاية لهما، فما دام الأمر هكذا، فتقلدى إسم المالك الحقيقى لهذه الصحراء وحاكمها الأبدى لتنجى من ذل التسول أمام الكائنات، ومهانة الخوف أمام الحادثات".
وقفت أمام هذه القصة أحاول أن أستشف من خلال تلك الرمزية التي جاء فيها أسلوب بديع الزمان في النصح والتوجيه، إنه الأسلوب الذي يصل إلى قلب المتلقى وعقله، لأن القلب والعقل في توجيه ذلك الصوفى مرادان معًا، وقد علمنا سلفًا أن الصوفية تخاطب القلب وحده، لتصل من خلال العاطفة القلبية إلى التفانى في حب الله سبحانه كما صنعت رابعة العدوية في قولها:
أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى فشغلى بذكرك عمن سواكا
وأما الذي أنت أهل له فكشفك لى الحجب حتى أراكا
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لى ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
وكما صنع ابن الفارض في قوله:
مـا بَـيْنَ مُـعْتَركِ الأحـداقِ والمُهَجِ أنــا الـقَتِيلُ بـلا إثـمٍ ولا حَـرَجِ
ودّعـتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ عـينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ
لله أجـفانُ عَـينٍ فـيكَ سـاهِرةٍ شـوقاً إلـيكَ وقـلبٌ بـالغَرامِ شَـجِ
وأضـلُـعٌ نَـحِلَتْ كـادتْ تُـقَوِّمُها مـن الـجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ
وأدمُـعٌ هَـمَلَتْ لـولا الـتنفّس مِن نـارِ الـهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ
ولعل القارئ لهذه الأبيات يجد أنها بلغت من عذوبة الألفاظ وسحرها، وجمال التعابير وطربها مبلغًا لم يبلغه كبار الشعراء، بل إن شعراء الرومانسية عليهم أن يقفوا إجلالاً لها، إن روح ابن الفارض تسبح في عوالم تنظر فيها إلى محبوبها، فإذا هي تجده في كل شيء، تجده في نغمة العود وفى ترنيمة الناى وفى مسارح غزلان الخمائل وفى الأمطار والغمائم، بل وفى كل شيء له آية تدل على أنه الواحد.
لقد استحوذت هذه الأبيات على قلوب الجميع، وذلك لما بلغته من رقة اللفظ ودقة المعنى وجمال التصوير ورشاقة العبارة وبراعة السبك وتمام الانسجام، فهو يقول:
تراه إن غاب عنى كل جارحة فى كل معنى لطيف رائق بهج
فى نغمة العود والناى الرخيم إذا تألفا بين ألحان من الهرج
لقد استدعت الذاكرة كل هذه المعانى عندما قرأت تلك الرسالة المستلة من كليات رسائل النور، وهى بعنوان "أنوار الحقيقة - مباحث في التصوف والسلوك" لأرى عجبًا، ذلك أن بديع الزمان قد تسامى بالعاطفة، عاطفة المتلقى أو المريد تساميًا وصل إلى درجة عليا من الرقى العاطفى والعقلى. وسأقف عند بعض هذه الأفكار التي وردت في هذه الرسالة.
1 - الفرق بين الإلهامات الصوفية وبين النظريات العقلية
وقفت طويلاً أحاول فهم العبارة الواردة في اللمعة الثالثة، وهى عبارة "يا باقى أنت الباقى" والتى أشار في مقدمتها بديع الزمان إلى احتراز في غاية الرقة والعذوبة، فهو يقول لقد مازح هذه اللمعة شيء من الأذواق والمشاعر، فأرجو عدم تقييمها بموازين علم المنطق، لأن ما تجيش به المشاعر لا يراعى كثيرًا قواعد العقل، ولا يعبر سمعًا موازين الفكر.
إنه يجعلك تفرق بين الإلهامات الصوفية وبين النظريات العقلية، ويجعل المريد يفكر كثيرًا في الإلهامات التي صدرت من قلوب المحبين، فلا يمررها على قوانين المنطق والفكر، وإنما يجعل للعاطفة نصيبًا، وللقلب مجالاً، ثم يرد ذلك التعبير الذي اتخذه بعض الصوفية زبدة لأورادهم إلى قوله تعالى: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.القصص: 88
إن شيوخ الطريق النقشبندية التي ينتسب إليها بديع الزمان يتخذون من جملة "يا باقى أنت الباقى" ختامًا لأورادهم ويكررونها "يا باقى أنت الباقى يا باقى أنت الباقى"، وكأن هناك سرًا عظيمًا لذلك الذكر ينضوى تحت قوله تعالى ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾القصص:88 واسمح لى أيها القارئ الكريم أن أقف عند تلك النكات التي ذكرها النورسى.
فهو يقول في النكتة الأولى: "إن ترديد يا باقى أنت الباقى للمرة الأولى يجرد القلب مما سوى الله تعالى فيجرى ما يشبه عملية جراحية فيه، ويقطعه مما سواه سبحانه".8 ويستمر الشيخ النورسى في تحليله فيقول: "عندما يردد الإنسان هذه الجملة، فإنه يعنى بها البراءة الكاملة من هذا التقصير، وقطع العلاقات مع تلك المحبوبات الفانية، والتخلى عنها كليًا قبل أن تتخلى هي عنه، ثم تسديد النظر في المحبوب الباقى، وهو الله سبحانه وتعالى دون سواه، فكأنه يقول بها، لا باقى بقاء حقيقيًا إلا أنت يا إلهى، وما سواك فإنه زائل، والزائل غير جدير بالمحبة الباقية، ولا العشق الدائم".9
أما الجملة الثانية "يا باقى أنت الباقى" فهى كالمرهم الشافى والبلسم الناجع يمرر على العملية الجراحية التي أجرتها الجملة الأولى على القلب وروابطه حيث إنها تعنى (كفى بك يا إلهى باقيًا فبقاؤك بديع عن كل شيء، وحيث إنك موجود فكل شيء موجود إذا.
النكتة الثانية: في فطرة الإنسان عشق شديد نحو البقاء، حتى إنه يتوهم لو عاش البقاء في كل ما يحبه، بل لا يحب شيئًا إلا بعد توهمه البقاء فيه، ثم يقول بل يصح القول إن سببًا للبقاء المغروزة في فطرة الإنسان، والدعاء العام الشامل الذي يسأله بشدة للخلود، فاستجاب الباقى ذو الجلال لتلك الرغبة الملحة، ولذلك الدعاء المؤثر، فخلق سبحانه عالمًا باقيًا خالدًا لهذا الإنسان الفانى الزائل.
أما النكتة الثالثة: فقد رصدها النورسى لقضية في غاية الأهمية، وهى تفاوت تأثير الزمان في هذه الدنيا في فناء الأشياء وزوالها تفاوتًا كبيرًا، ويستمر في بيان ذلك فيقول (فكما أن دوائر حركة عقارب الساعة العادة للدقائق والثوانى والساعات تختلف في السرعة رغم تشابهها الظاهرى كذلك الأمر في الإنسان، حيث إن حكم الزمن متفاوت في دائرة جسمه ودائرة نفسه ودائرة قلبه ودائرة روحه.
ثم يقول: "وهكذا بناء على هذا الاستعداد فإن عمر الإنسان الفانى يتضمن عمرًا باقيًا من حيث حياته القلبية والروحية اللتان تحييان بالمعرفة الإلهية، والمحبة الربانية، والعبودية السبحانية والمرضيات الرحمانية، بل ينتج هذا العمر الباقى الخالد في دار الخلود والبقاء، فيكون هذا العمر الفانى بمثابة عمر أبدى".10
ويعطينا النورسى لمحة صوفية في قوله: "إن ثانية واحدة يقضيها الإنسان في سبيل الله الباقى الحق وفى سبيل محبته، وفى سبيل معرفته وابتغاء مرضاته تعد سنة كاملة"،11 ثم يسوق لذلك القول المشهور "سِنة الفراق سَنة وسَنة الوصال سِنة"، وذلك القول المشهور أيضًا "أرض الفلاة مع الأعداء فنجان، وسَمّ الخياط مع الأحباب ميدان"،12 وهى أقوال تعطينا دلالة على مدى ما كان يتمتع به النورسى من شفافية ووجد، ومن حب الله سبحانه وتعالى، وينهى كلامه في هذه النكتة بقوله: "أيها الناس أتريدون تحويل عمركم القصير الفانى إلى عمر باق طويل مديد، بل مثمر بالمغانم والمنافع؟ فما دام الجواب أن نعم، وهو مقتضى الإنسانية فاصرفوا إذن عمركم في سبيل الباقى".13 وهو درس صوفى عظيم استخلصه النورسى من قولهم "يا باقى أنت الباقى".
ثم يعطينا لمحة أخرى في هذا الصدد، وهى أن الله سبحانه وتعالى جعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، فمع أنها ليلة واحدة إلا أنها خير من ألف شهر. ثم يقول: "وهناك إشارة أخرى إلى الحقيقة نفسها، وهى القاعدة المقررة لدى أهل الولاية والحقيقة، تلك هي بسط الزمان الذي يثبته ويظهره فعلاً المعراج النبوى، فقد انبسطت فيه دقائق معدودة إلى سنين عدة"، ويستدل على ذلك أيضًا بقوله تعالى في قصة أهل الكهف: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾،الكهف:19 على الرغم من أنهم لبثوا سنين عددًا، ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾،الكهف:25 ثم يقول: "فهاتان الآيتان الكريمتان تدلان على طى الزمان كما أن الآية الآتية تدل على بسط الزمان ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾.الحج:47
وأخيرًا يقول النورسى في هذا الصدد: "مع أن الإنسان فان إلا أنه مخلوق للبقاء، خلقه البارى الكريم بمثابة مرآة عاكسة لتجلياته الباقية، وكلفه بالقيام بمهمات تثمر ثمارًا باقية، وصوره على أحسن صورة، حتى أصبحت صورته مدار نقوش تجليات أسمائه الحسنى الباقية، لذا فسعادة هذا الإنسان ووظيفته الأساس إنما هي التوجه إلى ذلك الباقى بكامل جهوده وجوارحه وبجميع استعداداته الفطرية، سائرًا قدمًا في سبيل مرضاته، متمسكًا بأسمائه الحسنى، مرددًا بجميع لطائفه من قلب وروح وعقل ما يردده لسانه، يا باقى أنت الباقى".14
هو الباقى، هو الأزلى الأبدى، هو السرمدى، هو الدائم، هو المطلوب، هو المحبوب، هو المقصود هو المعبود، ما أجمل تلك الكلمات التي لا تصدر إلا عن قلب عامر بذكر الله، مليء بتقوى الله، مفعم بحب الله سبحانه وتعالى.
2 - الفرق بين رسائل النور وما كتب قبلها بأقلام المتصوفة
وقفت طويلاً أتأمل رد بديع الزمان على ذلك التساؤل: لماذا يجد قارئ رسائل النور إيمانًا وإذعانا في قلبه ويشعر بشوق دائم ولذة جديدة أكثر بكثير ما يجده في تلك الكتب؟
وهو سؤال يحتاج فعلاً إلى إجابة، فنحن نقرأ ما كتبه محيى الدين بن عربى، وما كتبه شعراء الصوفية، وقد يحتاج بعضنا إلى توضيحات كثيرة لفهم تلك الإشارات التي صاحبت تلك الكتابات، وقد يقول البعض منا إنها شطحات الصوفية، فإذا فهمت بعضها فبها ونعمت، وإلا فعليك أن تتجاوز ذلك، حتى إن الغزالى في الإحياء قال عن بيت رابعة العدوية:
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لى ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
"ولعلها أرادت بحب الهوى حب الله لإحسانه إليها".15
وانظر إلى أسلوبهم في التصوف، وبين ما جاء في رسائل النور، فيقول: "إن قسمًا من مصنفات العلماء السابقين، وأغلب الكتب القديمة للأولياء الصالحين تبحث في ثمار الإيمان ونتائجه، وفيوضات معرفة الله سبحانه وتعالى، ذلك لأنه لم يكن في عصرهم تحد واضح ولا هجوم سافر يقتلع جذور الإيمان وأسسه، إذ كانت تلك الأسس متينة ورصينة، أما الآن فإن هناك هجوما عنيفًا جماعيًا منظما على أركان الإيمان وأسسه، لا يستطيع أغلب تلك الكتب والرسائل التي كانت تخاطب الأفراد وخواص المؤمنين فقط أن تصد التيار الرهيب لهذا الزمان، ولا أن تقاوم".
إذن يختلف التصوف من عصر إلى عصر، ومن مصر إلى مصر، فينبغى أن يكون التصوف ملبيًا لحاجاته ولما يتطلبه المجتمع من حاجات ضرورية لتنظيمه ونهضته، حتى يؤدى الفرد والجماعة ما يصلح أحوالهم في الدين والدنيا والآخرة، وعلى ذلك جاءت رسائل النور تهتم بالقلب وهو الأمر الروحى الذي يصله بخالقه، وبالعقل، وهو الجانب الذي يستطيع أن يقف أمام تلك الحملات القوية الموجهة إلى الإسلام في العصر الحديث، يقول بديع الزمان: "أما رسائل النور فلكونها معجزة معنوية للقرآن الكريم فهى تنفذ أسس الإيمان وأركانه، لا بالاستفادة من الإيمان الراسخ الموجود، وإنما بإثبات الإيمان وتحقيقه وحفظه في القلوب، وإنقاذه من الشبهات والأوهام بدلائل كثيرة، وبراهين ساطعة حتى حكم كل من ينعم النظر فيها بأنها أصبحت ضرورية في هذا العصر كضرورة الخبز والدواء".16
وهكذا يهتم التصوف المعاصر بالعقل اهتمامه بالقلب، فبالعقل يستطيع الصوفى الدفاع عن الإسلام، والوقوف أمام تلك الحملات الموجهة إلى الإسلام، ثم يزيد ذلك الأمر وضوحًا فيقول:
"إن الدواوين والمؤلفات السابقة تقول كن وليًا وشاهد وارق في المقامات والدرجات، وأبصر وتناول الأنوار والفيوضات، بينما رسائل النور تقول: كن من شئت وأبصر، وافتح عينيك فحسب وشاهد الحقيقة، وأنقذ إيمانك الذي هو مفتاح السعادة الأبدية".
ثم يقول: "ثم إن رسائل النور تحاول أولاً إقناع نفس مؤلفها، ثم تخاطب الآخرين، لذا فالدرس الذي أقنع نفس المؤلف الأمارة بالسوء إقناعًا كافيًا، وتمكن من إزالة وساوسها وشبهاتها إزالة تامة لهو درس قوى بلا شك، وخالص أيضًا، بحيث يتمكن وحده من أن يصد تيار الضلالة الحاضرة التي اتخذت شخصية معنوية رهيبة بتشكيلاتها الجماعية المنظمة، بل أن يجابهها، ويتغلب عليها".
إن رسائل النور تتحرك بخطى اتحاد العقل والقلب معًا، وامتزاجهما، وتعاون الروح واللطائف الأخرى، فتحلق إلى أوج العلا، وتصل إلى مراق لا يصل إليها نظر الفلسفة المهاجمة، فضلاً عن أقدامها وخطواتها، فتبين أنوار الحقائق الإيمانية وتوصلها إلى عيونها المطموسة.
3 - بين بديع الزمان وابن عربى، أو بالأحرى والصوفية السابقين
لقد وقفت متعجبًا وأنا أقرأ ما كتبه بديع الزمان عن موقفه عن ابن عربى والصوفية السابقين فيما يسمى بوحدة الوجود، فهم يبحثون في طبقات الأرض السبع، وفى الأرض البيضاء خلف جبل قاف، وفى أمور عجيبة، ويطرح في ذلك تساؤلاً، إنهم يقولون لقد رأينا، فهل ما يقولونه صدق وصواب؟ فإن كان هكذا، فليس في أرضنا مثل ما يقولون! الجغرافيا والعلوم الحاضرة تنكر ما يقولونه، وإن لم تكن أقوالهم صوابًا فكيف أصبحوا أولياء صالحين؟ إذ كيف يكون من ينطق بمثل هذه الأقوال المخالفة للواقع المشاهد والمحسوس، والمنافية للحقيقة من أهل الحق والحقيقة؟
ويرد الشيخ على هذا التساؤل بلباقة شديدة: "إنهم من أهل الحق والحقيقة، وهم أيضًا أهل ولاية شهود، فما شاهدوه فقد رأوه حقًا، ولكن يقع الخطأ في قسم من أحكامهم في مشاهداتهم في حالة الشهود التي لا ضوابط لها، ولا حدود، وفى تعبير رؤيتهم الشبيهة بالرؤى التي لا حق لهم في التعبير عنها".
ويقرر حكمًا قريبًا من العقل والتصور، فصاحب الرؤيا يعرض رؤياه على أهل العلم المحققين، وهم الذين يعبرون له هذه الرؤيا، ويبينون له ما رآه، يقول: "إذ كما لا يحق لصاحب الرؤيا التعبير عن رؤياه بنفسه، فذلك القسم من أهل الشهود والكشف ليس لهم الحق أن يعبروا عن مشاهداتهم في تلك الحالة، فالذى يحق له التعبير عن تلك المشاهدات إنما هم ورثة الأنبياء من العلماء المحققين المعروفين بالأصفياء، ولا ريب أن أهل الشهود هؤلاء عندما يرقون إلى مقام الأصفياء سيدركون خطأهم بأنفسهم بإرشاد الكتاب والسنة ويصححونها، وقد صححها فعلاً قسم منهم".17
ويستمر في عرض بعض الصور التي تثبت رؤيته لما قام به الصوفية السابقون من حديث عن المشاهدة والكشف مما يطول الحديث عنه، لكننى في الحقيقة عشت فترة مع هذه الإشراقات التي تحدث عنها النورسى مما جعلنى أعيد حساباتى مرة أخرى لأحكم بأن التصوف له رجاله المخلصون الذين يردون كل أمر ذى بال إلى العلماء الأثبات ورثة الأنبياء.
وصل اللهم على سيدنا محمد في الأولين وفي الآخرين وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
* * *
الهوامش
1 أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية - جامعة الأزهر رئيس جمعية رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالقاهرة.
2 اختلف الناس في نسبة الكلمة هل هي من الصفة، أو من الصفاء، أو من (سوفيا) وهى باليونانية بمعنى الحكمة، أو من الصوف، ونحن نرجح أنها نسبة إلى الصوف، لأنهم في أول أمرهم كانت هذه الفرقة تلبس الصوف إخششانا وزهادة، كما نرجح أنها كانت ترتكن في أول أمرها على أساس إسلامى، فركنا التصوف أول ما ظهرا هما الزهادة وحب اللّٰه، [أحمد أمين - ظهر الإسلام جـ 4 ص 150 ط دار الكتاب العرب بيروت لبنان - الطبعة الخامسة 1388ه/ 1966م]، لكن التعريفات التي أوردها الأستاذ أحمد أمين عن علماء الصوفية وزهادهم لا تناصر ما رجحه من أن التصوف نسبة إلى الصوف، فقد أورد قول رويم البغدادى: "التصوف بنى على خصال التمسك بالفقر والافتقار والتحقق بالبذل، وترك الغرض والاختيار". وقول الكرخى: "التصوف هو الأخذ بالحقائق، واليأس عما في أيدى الخلائق". وقول الجنيد: "أن تكون مع الله بلا علاقة". وقول ذى النون: "أن لا تملك شيئًا، ولا يملكك شيء"، ورد الحصرى عندما سئل عن الصوفى: "الذى لا تقله الأرض، ولا تظله السماء". [ظهر الإسلام].
فكل هذه الآراء لم يرد فيها لبس الصوف، وإن كان قد ورد فيها ما رجحته من معنى الصفاء وحب الله سبحانه وتعالى، واليأس مما في أيدى العباد، وأن يكون الإنسان حرًا لا يملكه شيء، وأن يكون مع الله بلا علاقة؛ أي لا يعبده خوفًا من ناره ولا رغبة في جنته، وليس أدل على ذلك من حديث ابن خلدون الذي أورده الأستاذ أحمد أمين (وأصلها - أي طريقة التصوف - العكوف على العبادة، والانقطاع إلى اللّٰه، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عامًا في الصحابة والسلف، فلما نشأ الإقبال على الدنيا في القرنان الثانى وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا إختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية [أحمد أمين: ظهر الإسلام جـ 4 ص 151 السابق].
3 أبو حفص، وأبو القاسم عمر بن أبى الحسن على بن المرشد بن على المعروف بابن الفارض الحموى الأصل المصرى المولد والدار والوفاة، ولد في ذى القعدة 576هـ وتوفى 632هـ [انظر بن نفرى: النجوم الزاهرة، ومحمد مصطفى حلمى: ابن الفارض والحب الإلهى].
4 أحمد أمين- ظهر الإسلام جـ 4 ص 151، 152 المرجع السابق.
5 زكى مبارك، التصوف الإسلامى ص 68، مطبعة الرسالة، ب - ت.
البيان والتبيين جـ 3 ص 123 كتاب الزهد.
7 التصوف الإسلامى ص 69 المصدر السابق.
8 اللمعة الثالثة - ص: 21
9 اللمعة الثالثة - ص: 22
10 اللمعة الثالثة - ص: 24
11 المصدر السابق.
12 اللمعة الثالثة - ص: 25
13 المصدر السابق
14 اللمعة الثالثة - ص: 27
15 الإمام أبو حامد الغزالى، إحياء علوم الدين جـ 14 ص 2598 - كتاب الشعب.
16 أنوار الحقيقة ص 120.
17 المكتوب الثامن عشر - ص: 102

Yıl 2013, Cilt: 7 Sayı: 7, - , 01.06.2013

Öz

Toplam 0 adet kaynakça vardır.

Ayrıntılar

Birincil Dil Arapça
Bölüm ARTICLES
Yazarlar

أ. د. عبد المنعم يونس Bu kişi benim

Yayımlanma Tarihi 1 Haziran 2013
Yayımlandığı Sayı Yıl 2013 Cilt: 7 Sayı: 7

Kaynak Göster

APA يونس أ. د. ع. ا. (2013). النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, 7(7).
AMA يونس أدعا. النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. Haziran 2013;7(7).
Chicago يونس أ. د. عبد المنعم. “النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization 7, sy. 7 (Haziran 2013).
EndNote يونس أدعا (01 Haziran 2013) النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization 7 7
IEEE يونس أ. د. ع. ا., “النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر”, النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, c. 7, sy. 7, 2013.
ISNAD يونس أ. د. عبد المنعم. “النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization 7/7 (Haziran 2013).
JAMA يونس أدعا. النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. 2013;7.
MLA يونس أ. د. عبد المنعم. “النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, c. 7, sy. 7, 2013.
Vancouver يونس أدعا. النورسى ورؤيته للتصوف المعاصر. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. 2013;7(7).