BibTex RIS Kaynak Göster

القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman

Yıl 2010, Sayı: 2, 27 - 46, 01.12.2010

Öz

القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان
أ.د. إبراهيم جانان1
[غادرنا الأستاذ الدكتور إبراهيم جانان على حين غرّة، ومن غير مقدمات، فقد كانت وفاته مفاجئة لنا (رحمه الله رحمة واسعة)، والأستاذ مشهود له بمساهماته الأكاديمية الرائدة في خدمة رسائل النور، لهذا اختارت المجلة أن تنشر في هذا العدد بحثا من بحوثه إحياء لذكراه وتذكيرا لزملائه الأساتذة وطلبته وأحبته، بما للرجل من فضل علينا جميعا.]
"ما السبيل إلى حل الخلاف في العالم الإسلامي؟" يجيب بديع الزمان عن هذا السؤال: "يجب أولا النظر إلى المقاصد السامية التي يجتمع عليها، ذلك أن إلهنا واحد ورسولنا واحد وقرآننا واحد ونحن متفقون على الضروريات الدينية."
سأركّز في هذه الدراسة على ثلاث مسائل أساسية، تمثّل خلاصة نضال بديع الزمان في حياته التي دامت ما يقارب قرناً. ولكي يتضح الموضوع أكثر سأشير أولا إلى بعض النقاط، التي تستدعيها الناحية المنهجية في عرض الموضوع:
النقطة الأولى: التكامل الفكري لبديع الزمان
بديع الزمان شخص عمّر طويلا، فعاش ما يقرب من قرن. لم يكن هذا القرن مهماً بالنسبة للتاريخ التركي وحده، بل كان مهما للكل، ذلك أنه عهد أكبر الانقلابات في التاريخ الإنساني. مما كان سببا في تغيير الناس أفكارهم كما تغير الحَيَّةُ جلدها، بينما يسترعي انتباهك بديع الزمان بثباته فـ "لا تستطيع أن تجد فرقاً بين ما قاله أو كتبه في أول عهده وبين ما قاله وكتبه في أواخر حياته."
بلغ نضجه العلمي والفكري في وقت مبكر جداً، حتى إنّ أحد أساتذته في شرقي الأناضول (بتليس) وهو "الشيخ أمين" حاول أن يُلبس سعيد (لباس العلماء)2 وهو صبي لم يبلغ بعد، وهذا يدل على أن بديع الزمان كان شخصاً استثنائيا استرعى إليه الأنظار في وقت مبكّر.
عرضت هذه الفكرة لأبيّن قيام بديع الزمان بتنظيم أفكاره منذ بداية عمله -الذي سيجاهد في سبيله طوال حياته- ضمن برنامج ومنهاج معين. وقلب هذا البرنامج الذي وضعه لنفسه مسألة "الأعداء الثلاثة" التي سنتناولها بالعرض. ولكي تتضح منزلة "الأعداء الثلاثة" في نظام تفكيره فإنّ من المفيد تقديم ملخص لبرنامجه المذكور.
النقطة الثانية: برنامج أفكار بديع الزمان وأسس دعوته
لخص بديع الزمان أفكاره في تسع مواد في مقالة نشرها عام 1909 في "الجريدة الدينية" بعنوان "ثمرة الجبل وإن كانت مرة إلا أنها دواء". والعنوان الفرعي الذي وضعه لمقالته هذه يدلّ على أنّه أدرج بشكل واعٍ أهدافاً معينة في برنامج نضاله، ولأجل هذا يستحق الذكر، والعنوان الفرعي هو "فهرست لمقاصد بديع الزمان وبرنامج أفكاره".
ويمكن في عجالة وتركيز تلخيص هذه المواد التسعة على النحو الآتي:
المادة الأولى: تأمين اليقظة التي تدفع العالم الإسلامي إلى الرقي.
المادة الثانية: إزالة الخلاف بين المراكز التي تؤمّن المعارف الإسلامية. وهذه المراكز هي: المدارس الدينية، المدارس الحكومية، التكايا.
المادة الثالثة: تأسيس الحرية العلمية في الأوساط العلمية.
المادة الرابعة: تأسيس شُعَب اختصاص في المدارس الدينية.
المادة الخامسة: الاهتمام بتنشئة الخطباء والوعاظ الذين يعدون مرشدين عامين.
المادة السادسة: إيقاظ الاتجاه نحو الرقي لدى العثمانيين. وهنا يرد موضوع الأعداء الثلاثة الذي يشكل موضوعنا الأصلي.
المادة السابعة: إصلاح مقام الخلافة.
المادة الثامنة: لكي لا ترجع الدولة العثمانية إلى عهود أمراء الولايات يجب نشر وتقوية الوحدة الإسلامية بين الجماهير المسلمة.3
المادة التاسعة: الاستفادة من القوة الكبيرة التي يملكها الأكراد والتي ضاعت نتيجة الخلاف الكردي وذلك بتأمين الوحدة الملية.
ويجب ألا ننسى أن بديع الزمان الذي حضر إلى إستانبول عام 1907 كان قد طوَّر هذه الأفكار قبل هذه المرحلة بكثير، وقد سعى قبل مجيئه إلى إستانبول بسنوات عدة إلى تحقيق بعضها بين العشائر. بل إنه حضر إلى إستانبول بقصد تحقيقها.4
قام بديع الزمان بتلخيص أفكاره في هذه النقاط التسع "ليظهر أنه يتبع مسلك" (طريقة عمل) "معينً"5 "لكونه يشكل حقائق"، ولكي يبين بشكل جيد أسس دعوته، يدعو إلى مراجعتها المستمرة بضرورة وإعادة النظر فيها بشكل متكرر ومستمر، وهذا ما دعاه إلى تناولها في جميع دراساته.
النقطة الثالثة: مقارنة بين أنموذجين في الإصلاح
لكي نفهم مدى شمولية مسألة "الأعداء الثلاثة" التي نحن بصددها الآن، وندرك الدور الذي قام به بديع الزمان في العالم الإسلامي، فإننا نود عقد مقارنة بينه وبين كلفن "1509-1564" الذي أجرى في حياة الغرب عملية جراحية كبيرة. فكما يعلم الجميع فقد أجرى كلفن عملية تغيير وتجديد كبيرين في العالم المسيحي، وحسب التوضيحات التي أوردها عالم الاجتماع الألماني "ماكس ويبر" فإن التكنولوجيا الغربية التي تمتلكها الرأسمالية مَدينَةٌ في وجودها إلى كلفن. ذلك لأنه منح الغرب ثلاثة أفكار أساسية، واكتساب هذه الأفكار الحياة هو الذي أدى إلى نشوء واتساع وتقدم العلم والصناعة والتكنولوجيا في الغرب. وشرح هذه الأفكار الثلاثة الرئيسية قد يطول ولكنها باختصار هي: العلم والعمل والزهد.6 وقد كانت أبحاث "ويبر" مبعث التقدم العلمي والتقني الذي بدأ في الأوساط البروتستانتية السالكة مذهب كلفن في كل البلدان الغربية.
وستلاحظ معنا أن المدخل الرئيس للإصلاح عند بديع الزمان لا يبعد عن هندسة الفكرة نفسها، ولكنها عرضت بشكل أوضح وبأثر أعمق، وهذا يفرض وقفة موضوعية عند فكرة الأعداء الثلاثة كما بينها الأستاذ.
الأعداء الثلاثة:
إن أعداء بديع الزمان الثلاثة هي: الجهل والفقر والاختلاف.
وقد ذكر "سعيد القديم" هذه الأعداء الثلاثة في جميع مقالاته وكتاباته، وعبّر عن أفكاره هذه بأساليب مختلفة إذ يقول مرة: "إن كل مؤمن مكلف بإعلاء كلمة الله، والوسيلة الكبرى لهذا في هذا الزمن هو التقدم المادي. ذلك لأن الأجانب يسحقوننا تحت سيطرتهم واستبدادهم المعنوي بوساطة أسلحة العلوم والصناعات، وسنجاهد نحن بأسلحة العلم والصناعة ضد الجهل والبؤس والفرقة التي هي أعدى أعداء إعلاء كلمة الله".7
وفي مقالة أخرى يقول: "إن أعداءنا هي الجهل والبؤس والاختلاف، وسنجاهد ضد هذه الأعداء بأسلحة الصناعة والمعرفة والاتفاق."8
وعندما كان بديع الزمان يكرر هذه المسألة كان يضع أحياناً كلمة "العلم" أو "العلوم الوضعية" محل "المعرفة" ويضع كلمة "الفقر" و "الحاجة" محل كلمة "البؤس". أو يستعمل كلمة "الإتفاق" محل "الأخوة" أو يستعمل كلمة "النفاق" أو "الفوضى" أو "العداوة" أو "الخصومة" أو "العداء" محل كلمة "الاختلاف" أو يستعمل كلمة "السعي" محل "العلم والفن".
ذكرنا عند استعراضنا المواد التسعة التي تشكل فهرساً لمنهج أفكاره ومقاصده بأنّ المادة السادسة تناولت مسألة الأعداء الثلاثة. ولكي نفهم بشكل شامل الهدف الذي كان يسعى إليه بديع الزمان في نضاله ضد هذه الأعداء الثلاثة فإن علينا أن نتفحص تلك المادة كما هي، قال:
المادة السادسة: السعي من أجل تنشيط اتجاه الدولة العثمانية نحو الرقي، إذ لما كان مبعث حياة هذه الدولة ودينها هو الدين الإسلامي فإن كل عثماني مكلف بإعلاء الشوكة الإسلامية، وكل مؤمن عليه واجب إعلاء كلمة الله، إن الرقي المادي في هذا الزمن أكبر عامل في هذا الإعلاء، ولما كان الجهل والبؤس والخلاف أفظع عدو لهذا الرقي، فإننا سنجاهد هذا العدو بسيف المعرفة وبالسعي الإنساني وبالاتحاد باسم الدين.
"أما بالنسبة للأعداء الخارجيين فهم لكونهم مدنيين لذا يجب أن ننتصر عليهم فكرياً، وسنحيل ذلك إلى براهين الشريعة."9
العدو الأول: الجهل
الجهل هو رأس الشرور، إذ مع أن بديع الزمان يُحَوِّلُ الأنظار إلى هذه الأعداء الثلاثة على الدوام، إلا أنه في بعض شروحه يعدها كلها نابعة من الجهل:
"ثم إن الجهل هو عدونا ويسعى لإبادتنا، وهو ابن الآغا -السيد- أما البؤس فهو ابنه والخصومة حفيده."
"إذا كان الأرمن قد أعلنوا عداوتهم لنا، فإنهم فعلوا ذلك تحت إمرة هؤلاء المفسدين الثلاثة."10
وإذا أخذنا عبارات بديع الزمان بنظر الاعتبار تبين لنا أن جميع المفاسد الاجتماعية تنبع من هذه الأعداء الثلاثة وبالتالي من الجهل:
"ثم إن أعداءنا ليسوا هم -أي الأجانب- بل إن عدونا هو الجهل وما تولد منه من منع إعلاء كلمة الله وما نتج عنه من مخالفة الشريعة. ثم البؤس وثمرته سوء الأخلاق وسوء التصرفات، والخلاف وما يتولّد عنه من الحقد والنفاق . وغاية اتحادنا هي الهجوم على هذه الأعداء الخالين من الإنصاف."11
وبديع الزمان الذي يرى الجهل أساس كل سوء، يرى أن الخلاص يكون بالعلم، يستشف هذا المعنى من قوله: "كنت أرى الأحوال البائسة للعشائر في الولايات الشرقية، فأدركت أن جزءاً من سعادتنا الدنيوية سيتحقق بالعلوم الجديدة للمدنية."12
ويُعَدُ بديع الزمان من القلائل من بين علماء زمانه الذين أعطوا أهمية كبيرة للعلم، إذ من الصعب أن نجد رجل علم في أوائل هذا العصر يملك كل هذه البصيرة النافذة عن مستقبل العلم. يشهد له قوله: "إن البشرية في أواخر أيامها على الأرض ستنساب إلى العلوم، وتنصب إلى الفنون، وستستمد كل قواها من العلوم والفنون فيتسلم العلم زمام الحكم والقوة."13
ويؤكّد المعنى نفسه بقوله: "الحكومات التي تستند إلى القوة ستشيخ -مثلها في ذلك مثل قوتها- بسرعة، ولكن لما كان شأن العلم ومجده في تزايد مستمر، فإن الحكومات التي تستند إلى العلم ستكتب لها حياة أبدية."14 وهو بذلك يشير إلى وجوب استناد دولتنا إلى العلم.
حل مسألة الجهل
يرى الأستاذ بأنّ إزالة الجهل -الذي عده السبب الأصلي لكل أنواع سوء الخلق والتأخر والهزائم أمام الأعداء الخارجين- تتم بنشر المدارس الدينية، غير أنه لم يكن راضياً عن هذه المدارس لا من حيث عددها ولا من حيث كفاءتها ومستواها. أجل كان من الضروري زيادة عددها، ولكن قبل هذا يجب إصلاحها، بل يجب تغييرها تغييرا جذريا شبيها بالانقلاب وثورة فيها، فهذه المدارس لم تكن تستطيع تنشئة رجال يستطيعون مجابهة احتياجات العصر وذلك لوجود ثلاثة نواقص فيها هي: النظام، والرقي، والتخرج.
ويقصد بالنواقص المتعلّقة بالنظام الخلل المهم في بنيتها الداخلية.
فالمدارس الدينية كانت تُخرّج نمطاً واحداً من الإنسان، إذ لم تكن تملك شُعَباً متخصصة، بينما يتمنى الأستاذ أن تكون لهذه المدارس شُعَباً متخصصة مثلها في ذلك مثل دار الفنون "الجامعة"، أي تتفرّع إلى شُعَب مترابطة فيما بينها. قال الأستاذ: "يجب أن يطبق هنا تقسيم الأعمال بتمامه".15 و شروحه تؤكّد رغبته في تنظيم هذه المدارس من جديد فيوضع لها أولا قسم فيه دروس أساسية ثم ينقسم إلى أقسام متخصصة أي تكون جامعة لها كلياتها المختلفة.
ويقصد بالرقي، الرقي العلمي، وهو يرى أن لهذا النقص أسبابا عديدة:
1- حلت دروس الآلة محل الدروس الأصلية. ويقصد بدروس الآلة اللغة وما يتعلق بها من علوم. فالطلاب لم يكونوا يستطيعون تجاوز هذه العلوم ويقضون أعمارهم في فك رموز العبارات.
2- كانت البرامج الرسمية لهذه المدارس الدينية حافلة بالكتب التي تتناول المسائل نفسها ولم يكن بمقدور الطلاب أن يتجاوزوا هذه الكتب التي كانت تستغرق أعمارهم. فالمتون الأصلية وشروح هذه المتون وهوامش هذه الشروح، وأحياناً هوامش الهوامش... الخ. كانت سجناً لأفكار الطلاب وهدراً لأوقاتهم، وما كانت تسمح لهم بالخروج عن قبضتها.
3- لعدم وجود الاختصاصات لم يكن أمام الطلاب أية فرصة للإبداع حسب ميولهم الفطرية، وحسب تعبيره فإن الميل عند الجميع كان نحو البروز وحب السيطرة والنزوع إلى التحكم، ولم يكن هناك من يهتم بتطوير نفسه علمياً، لذا "فقد سارت هذه المدارس الدينية نحو الاندثار".16
وعامل آخر كان يعرقل الرقي العلمي وهو عدم وجود العلوم الوضعية في هذه المدارس الدينية. ويقترح بديع الزمان إدخال هذه العلوم -أو العلوم المدنية بتعبيره- إلى هذه المدارس، ذلك أنّ عدم وجود هذه العلوم يؤدي إلى تعصب الطلاب. وكما سنذكر فيما بعد فإن بديع الزمان عندما اقترح إدخال العلوم الوضعية إلى المدارس الدينية اقترح في الوقت نفسه إدخال الدروس الدينية إلى المدارس الاعتيادية. فعدم وجود العلوم الوضعية في المدارس الدينية يقود طلاب هذه المدارس إلى التعصب وعدم وجود الدروس الدينية في المدارس الاعتيادية يقود الطلاب إلى الشك وإلى الاحتيال.
مسألة التخرج
وتتعلق بساحة عمل خريجي هذه المدارس الدينية. لقد أدت النواقص الموجودة في المدارس الدينية إلى عدم توجه الطلاب الأذكياء وأصحاب الكفاءات إلى هذه المدارس "فالأذكياء ذهبوا إلى المدارس الاعتيادية، والأغنياء استنكفوا من طراز عيش المدارس الدينية".17 قال بديع الزمان منبهاً إلى الآثار السلبية المترتّبة عن إهمال موضوع التخرج في هذه المدارس الدينية، فذكر عند تعديده للشروط التي يجب توفرها في "مدرسة الزهراء" (-التي كانت المثل الأعلى للمدارس الدينية عنده- والتي بذل جهوده لتأسيسها طوال 55 عاماً)، بأن الملتحقين بها يجب أن يعاملوا على قدم المساواة مع طلاب الدراسات العليا الملتحقين بالمؤسسات التعليمية الأخرى، ويجب أن تُعد امتحاناتهم على نفس الدرجة من الاعتبار والأهمية لامتحانات المؤسسات التعليمية الأخرى وإلا كانت امتحاناتها عقيمة.18
علموا أطفالكم
ناضل بديع الزمان من أجل إصلاح المدارس الدينية وزيادة عددها، و شجع في الوقت نفسه على تعليم الصغار، وعندما سُنَّ قانون توحيد التدريس بعد إعلان الجمهورية ومَنْعِ الدروس الدينية تماماً في المدارس، انتشر في طول البلاد وعرضها شعار لا نعرف مصدره مفاده: "إنّ هذه المدارس مدارس كفار لا ترسلوا أبناءكم إليها وعندما بدأ مفعول هذا الشعار في بعض العهود يسري لدى الأوساط الدينية كان بديع الزمان يقول: إن جميع العلوم الوضعية تتحدث بألسنتها الخاصة بها عن الله. لا تستمعوا أنتم إلى المعلمين بل استمعوا إليها، أي أنه بدلاً من التوصية بمنع إرسال الصغار إلى المدارس كان على العكس من ذلك يشجع على إرسالهم إليها. ويمكن العثور على أمثلة متعددة على هذا الحض والتشجيع في الذكريات المروية عن بديع الزمان."19
العدو الثاني: البؤس
ويعني بديع الزمان بـ "البؤس" التخلف المادي والتقني الذي أصاب المسلمين. وقد عبر عنه بعدة ألفاظ منها "الفقر" أو "الجوع" أو "الحاجة".. الخ. ويعترف بديع الزمان بهذا الفقر والحاجة والتخلف الذي يئن تحت وطأته العالم الإسلامي والذي يحس بثقله على عاتقه وبالذل الناتج عنه... يعترف به كما هو في الواقع. ولكنه لا يجعل هذا -كما يفعل بعض الماديين- وسيلة يأس يدفع الناس إلى حالة من الشلل يمنعهم من القيام بأية محاولة بذل أي مجهود، على العكس من ذلك فإنه يجعل هذا دليلاً على قناعته بأن المسلمين سيتقدمون في المستقبل وسيترقون وسيلحقون بالغرب في مضمار العلم والتقنية بل سيسبقونه.20 ويشرح ذلك بالحاجة التي ظهرت في الغرب والفاقة هي التي دفعته إلى التقدم. ويورد في هذا الصدد مثلاً كثيراً ما استعمله وكرره وهو: "الحاجة هي معلم المدنية".21 وذكر بأن هذا المبدأ ليس قناعة شخصية له، بل إنه "ثابت حكمة -أي علماً-". ويستشهد بنظريات لعلماء الاجتماع، مفادها: إن الحروب والجفاف والزلازل والأوبئة تلعب أدواراً إيجابية في تطور المدنيات ورقيها.22
يبين بديع الزمان بأن الفقر والحاجة تحفز الناس على السعي وبذل المجهود، وهكذا ينقلب الميل الفطري الموجود لدى الأفراد نحو الرقي من القوة إلى الفعل، وبنتيجة بذل المساعي وبذل المجهود يأتي الرقي.
ولكي يبلغ هذا الموضوع درجة مقنعة من الوضوح يقوم بديع الزمان بتحليلات عديدة، لذا نراه يتناول مواضيع عديدة يعدها مواضيع الساعة مشفوعة بتوضيحاتها اللازمة، قال الأستاذ: "ما هي العوامل التي تدفع إلى السعي؟ لماذا انطفأت عندنا شعلة السعي والشوق إليه؟ وكيف نوقظ هذا الشوق؟ وكيف نحيي لدى الناس نبض الحياة؟ وما هي الأخطاء في أنموذج عملية النمو والتطوير المتبعة حالياً؟ وما الأنموذج الذي يجب أن نتبعه في عملية الارتقاء والنمو؟"23
وقال مثلاً "إن الحياة عبارة عن حركة وفعالية والشوق مطيته"24 أو "السعي هو بخار الإنسان"25 أي يُبَيِّنُ أن الشوق يشكل الأساس لجميع الفعاليات والجهود. وذكر بأن بعضاً من العلماء غير الكاملين الذين لم يأخذوا بعين الاعتبار ظروف وشروط الزمن أطفأوا شوق الناس إلى العمل بدفعهم إلى تواكل خاطئ استناداً إلى المعاني الظاهرية لبعض المتون الدينية وإلى كسل وبطالة.26 ثم يوضّح المعنى الصحيح للتوكل الإسلامي في هذا الموضوع. مُبَيِّنا العلاقة الوثيقة بين الشوق الموجود لدى الفرد وبين همته أي شعوره بمصالح أمته. مؤكّدا في شرح أنّ من يحمل هدفاً سامياً مثل هدف خدمة الدين لابد أن تزداد همته، شاهد هذا المعنى قوله: "إن من كانت همته موجهة لأمته فهو أمة صغيرة"27 وقال أيضا بأن الغرب "الذي سرق منا شعور الأمة وشعور الملية ترقى بهذا الشعور"28 وأن الأرمن أدوا تضحيات كبيرة بقوة وعظمة هذه الهمة.29 فبديع الزمان يرى بأن أس الأساس لرقي الغرب هو شعور الملية30 لذا يجب إثارة هذا الشعور لدينا أيضاً، ويعني بشعور الملية عندنا الإسلام، قال بديع الزمان: "الملية جسم وروحه الدين" و "الدين هو حياة الملية وروحه".31 يجب أن نأخذ علوم الغرب، ولكننا عندما نفعل هذا يشترط ألا ننسى عاداتنا الملية وألا نضحي بها. إنّ تَرك العادات الملية -حسب رأيه- يدل على شيخوخة تلك الأمة.32 لذا يرى من المناسب اتباع طريق اليابان في الرقي.
"عند اكتساب المدنية يلزمنا الاقتداء باليابان، فمع أنهم أخذوا بمحاسن المدنية من أوروبا إلا أنهم حافظوا على تقاليدهم الملية، هذه التقاليد التي بها تدوم حياة الأمم."33
وقال بأن السعي نحو الرقي المادي فريضة دينية على المسلمين:
"إن كل مؤمن مكلف بإعلاء كلمة الله. وأكبر عامل لهذا في هذا الزمن هو الرقي المادي."34
إن السعي والعمل من القوانين والشروط الكونية لله سبحانه وتعالى، والمكافأة جزاء اتباع هذه القوانين والشروط أو العقاب جراء تركها يكون عاجلاً وفي الدنيا. ويشهد له قوله: "إن جزاء العمل والسعي هو الثروة وجزاء الكسل والبطالة هو البؤس".35
ويقف طويلاً وبشكل مستقل عند الأعداء الذين كسروا الهمة التي هي منبع الشوق الذي يدفع الإنسان إلى العمل، ويبحث عن حلول لعلاج هذا الأمر وتلافيه.36
ولكي يكون هناك عمل مثمر وجهد منتج فإنه يوصي باختيار المهن حسب القابليات الفطرية.37
ويبين أن من الممكن الاستفادة من صناعة غير المسلمين، فكفر الكافر وفسق الفاسق لا يضر بالمهارة ولا بالصنعة.38
كما يوصي في الوقت نفسه باستعمال المنتجات المحلية، مثلما فعل غاندي فقد قاطع طوال حياته مصنوعات الغرب "إنني ألبس فقط الإنتاج المادي والمعنوي لبلدي".39
ولتوضيح نقطة أخيرة في موضوع الفقر أستعين بما ذكره بديع الزمان في بيان أحد أسباب زيادة غنى الأقليات، وزيادة فقر المسلمين في الدولة العثمانية فأرجعه إلى كيفية اختيار المهنة "لقد لقينا عقابنا لأننا اخترنا طرق الإمارة في المعيشة التي تساعد على الكسل والتي تدغدغ غرور الإنسان، وذكر بأن الطرق "الطبيعية" و "المشروعة" و "الحيوية" للمعيشة هي "الزراعة" و "التجارة" و "الصناعة" قال (يرحمه الله): "إنني أرى بأن من يتقلد وظيفة أو إمارة يجب أن يدخلها من أجل إيفاء خدمة، ولكن إن دخلها كطريقة كسب ومعيشة فإنه يكون قد تصرف بحمق."40
النقطة الثالثة: الاختلاف
والمسألة الثالثة التي يتناولها بديع الزمان ويتفحصها أي العدو الثالث هو "الاختلاف" ويُعَبِّرُ عنها أحياناً باصطلاحات أخرى منها "الفوضى" أو "النفاق" أو "الخصومة" وضدها هو "الاتفاق" وأحياناً يعبّر عنها بكلمات أخرى منها "الوفاق" أو "التساند" أو "التعاون" أو "الاتحاد" أو "الأخوة".
وإذا نظرنا إلى بياناته المختلفة نجد أنه يقصد بـ "الاختلاف" الاختلاف الضيِّق النطاق بين المسلمين وكذلك الاختلاف بين المجموعات الدينية، ويتناول كلا منها ويكررها حسب أهميتها. والاختلاف الذي يقف عنده طويلاً ويقدم الحلول لتلافيه هو الاختلاف بين المدارس الدينية والمدارس الاعتيادية والتكايا وهي الشعب الثلاثة لمنابع الفيض.
يستعين لبيان خطورة الاختلافات على المجتمع بقاعدة من علم الرياضيات، قال الأستاذ: "إذا لم يكن المجتمع واحداً صحيحاً فإن الجمع والضم يؤدي إلى النقصان مثلما يؤدي إلى ذلك ضرب الكسور،" ثم يزيد المسألة وضوحا بقوله: "من المعلوم في علم الحساب أن الضرب والجمع يؤدي إلى الزيادة. فأربعة مضروبة في أربعة يساوي ستة عشر. ولكن الضرب في الكسور يؤدي إلى النقصان، فالثلث في الثلث يساوي التسع، ونجد نظير هذا في عالم الإنسان، فإذا لم يتحد الإنسان مع الصحة ومع الاستقامة فإن النتيجة يكون نقصاناً وخللاً ودون أية قيمة".41
ولإظهار درجة الألم الذي أَلَّمَ به نتيجة الاختلاف في المجتمع، يستعين بأبيات للسلطان ياووز سليم قال فيها:
إن الخشية من الاختلاف والتفرق يجعلني اضطرب حتى وأنا في القبر،
إن الاتحاد هو وسيلتنا في الصولات إن لم تتحد الأمة أكون مجروح القلب.42
لهذا خَلُص الأستاذ بديع الزمان إلى أنّ "الحياة في الاتحاد".43
إن الحياة وكل شيء يُعد امتداداً لها لا يظهر للوجود إلا بعد اتحاد معين "هناك قوة في الاتحاد، وهناك حياة في الاتحاد، وهناك سعادة في الأخوة."
وقال أيضا بأنّ العالم الإسلامي إنْ أسس فيما بينه اتحاداً تاماً فليست هناك قوة دنيوية تستطيع أن تقف أمامه.44
وتأكيدا لأهمية القوة الحاصلة نتيجة الاتفاق قال: "نعم... إن لم تتحد ثلاث ‘ألفات' فستبقى قيمتها ثلاثاً فقط، أما إذا اتحدت وتساندت بسر العددية، فإنها تكسب قيمة مائة وأحد عشر ‘111'، وكذا الحال في أربع ‘أربعات' عندما تكتب كل ‘4' منفردة عن البقية فإن مجموعها ‘16' أما إذا اتحدت هذه الأرقام واتفقت بسر الأخوة ووحدة الهدف والمهمة الواحدة على سطر واحد فعندها تكسب قيمة أربعة آلاف وأربعمائة وأربع وأربعين ‘4444' وقوتها."45
أسباب الخلاف
يرجع بديع الزمان أسباب الخلاف بين المسلمين إلى بعض النواقص وبعض التصرفات غير السليمة، مثل ضعف الإيمان والأنانية والبحث عن الأحق، وحسب رأيه فإنّ المرض الرابع من الأمراض الستة التي أدت إلى تأخر المسلمين هو "عدم معرفة الروابط النورانية التي تربط أهل الإيمان بعضهم ببعض."46
إذن يجب إظهار هذه الروابط الإيمانية والدينية وإعادة الفعالية إليها. لأنّ "الاتفاق من الله تعالى وليس من الهوى ورغبات النفس."47 وهكذا يُبَيٍّن أنّ الاتفاق والوحدة لا يمكن أن تتم بصيغ بشرية. فمثلاً لا يمكن أن تتحقق الوحدة بالتخويف أو بالضبط أو بالإكراه، على العكس من ذلك فهذا يؤدي إلى زيادة الفُرقة والنفاق بين الأطراف.48
حلول التوحيد
يذكر بديع الزمان في هذا الصدد حلولاً عديدة وطرقاً كثيرة وإيضاحات مختلفة، سنكتفي بهذا الصدد بالإشارة إلى بعضها:
الشعور الإيماني
يأمر القرآن الكريم المؤمنين بالرجوع إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم إذا وقع بينهم أي خلاف، والمؤمن مادام مؤمناً فهو لا يستطيع إهمال أو تناسي هذا الأمر.
قال الأستاذ بديع الزمان: "فكما أنَّك إذا استعظمت حصيات تافهة ووصفتها بأنها أسمى من الكعبة المشرفة وأعظم من جبل أحد، فإنك بلا شك ترتكب حماقة مشينة."49
ما الحل الذي يعالج الخلاف في العالم الإسلامي؟ يجيب بديع الزمان على هذا السؤال بقوله: "يجب أولاً النظر إلى ما هو متفق عليه من المقاصد السامية، ذلك لأن إلهنا واحد، ونبينا واحد وقرآننا واحد ونحن متفقون حول الضرورات الدينية."50
المساواة
من بين الخصائص والعوامل التي تُؤَمِّنُ وحدة الأمة ووهبها الأستاذ بديع الزمان أهمية كبرى موضوع المساواة "ما الذي يؤدي إلى وحدة الأمة غير رفع الامتياز؟"51
وهذه يمكن تحقيقها بتأمين الحاكمية التامة للقانون، وإلا فإن كل إداري سيكون مستبداً مستقلاً وتزداد محاولات الجمعيات السرية مما ستؤدي إلى زيادة الاستبداد.52
مجاراة السواد الأعظم
يرى بديع الزمان بأنّ مجاراة السواد الأعظم من الناس في بعض المسائل يزيل الاختلاف، لأن من الخطر الانشقاق عن الأكثرية.53
المعارف
تنبأ بديع الزمان منذ بداية هذا القرن بالفوضى التي تعصف بمناطقنا الشرقية، وقال بأن العلاج يتم عبر طريق المعارف، واقترح على الدولة القيام بفتح المدارس الدينية في المراكز المهمة التي سماها بالمنطقة الشرقية وتنشئة وتربية الطلاب، ويقدم هذا الاقتراح مع إيضاح أسبابه:
"... بهذا يتم تأمين أساس التربية والثقافة. وبعد تأسيس هذا المبدأ يتقرر الاتحاد ويتحقق أننا إن أعطينا هذه القوة العظيمة التي تذهب هدراً نتيجة الخلاف الداخلي إلى يد الحكومة لكي تستعملها في الخارج ولكي يظهر أنهم بفطرتهم السليمة يستحقون العدالة وأنهم مهيأون ومستعدون لتقبل المدنية."54
تبدو هذه الجمل وكأنها تشير إلى ظروفنا الحالية.
البحث عن الأحق
هذه صيغة لإزالة الخلافات المذهبية على الأخص.
قال الأستاذ: "عندما يكون هناك اتفاق على الحق، ولكن مع وجود خلاف حول الأحق، يكون الحق أحق من الأحق،"55 ذلك أنّ كلّ واحد يحق له أن يفهم أن مسلكه "حق" وأنه أجمل، ولكن لا يحق له أن يفهم أو يتصور أن مسالك الآخرين باطلة وقبيحة. وهو يرى بأن الشخص إن اعتقد بأن مسلكه فقط هو المسلك الحق فإن هذا يدل على ضيق أفقه وعلى أنانيته وحبه لنفسه. ولكي يعالج مثل هذا المرض يستعرض أمثلة على إمكانية تعدد الحق.56
حب المحبة والعداء للعداوة
في سبيل إزالة الخلاف يوصي بنشر المحبة بين المؤمنين وإزالة العداء، يصرّح بهذا في قوله: "نحن فدائيو المحبة، لا وقت لدينا للخصومة".57 وتأكيدا عمليا لهذا المعنى أعلن أنه عفا عن جميع الذين عذبوه طوال حياته وملأوا حياته ألماً وضيقاً، وعن جميع الذين جروه من محكمة إلى محكمة ومن مركز شرطة إلى مركز شرطة، والذين ألقوا به في السجون، وسامحهم وصفح عنهم.58
الذين يجب أن يتفقوا
وبجانب قيام بديع الزمان بتقديم الصيغ التي تؤدي إلى الاتفاق فإنه يبيّن المؤسسات التي يجب أن تتفق. وهذا يستوجب الإشارة إلى هذه المؤسسات.
اتفاق ثلاث شعب كبيرة
وهذه الشعب "مثلما سجلنا سابق" هي: المدارس الاعتيادية، والمدارس الدينية والتكايا، ذلك أنّ: "إن من أهم أسباب تأخرنا في مضمار المدنية، هو تباين الأفكار واختلاف مشارب منتسبي ثلاث شعب كبيرة يعدون مرشدين عموميين بعد عهد الاستبداد وهم منتسبو المدارس الاعتيادية ومنتسبو المدارس الدينية ومنتسبو التكايا."59
لهذا يرى الأستاذ بأن هذا التباين في الأفكار هزّ أساس الخلق الإسلامي وفرّق وحدة الأمة. ويستمر بديع الزمان في تحليله فيقول بأن منتسبي المدارس الدينية كَفّروا منتسبي المدارس الإعدادية، وهؤلاء اتهموهم ورموهم بالجهل. ولكي تتقبل جماهير الشعب العلم، فإنه يجب نقله إليهم بوساطة علماء يثق فيهم الشعب.60 ومن هذا المنطق يجب تدريس العلوم الوضعية في المدارس الدينية، وتدريس علوم الدين في المدارس الاعتيادية. ومدرسة الزهراء التي ستضع مفردات هذه العلوم في مفردات مناهجها ستقوم بإصلاح البيْن بين هذه الشُّعَب الثلاث، وستكون هذه إحدى فوائد هذه المدرسة.
وأريد أن أذكر هنا بأنه بعدما تم إغلاق شعبتين من هذه الشعب الثلاث ظهر مدى صواب اقتراح هذا الحل وذلك بعد ظهور الفوضى في الجيل الجديد. وهو موضوع معروض للنقاش.
اتفاق الجماعات الدينية
قدم بديع الزمان في هذه المسألة اقتراحات حلول نعتقد أنها لا تزال حتى الآن مهمّة. فقبل كل شيء عَدَّ وجود هذه الجماعات المختلفة ضرورية ومفيدة. ولكنه يريدها أن تجتمع على غاية واحدة. ولاشك في وجوب كون هذه الغاية إيجابية وبناءة وتهدف إلى خدمة الدين والأمة. فإذا تحقق هذا فلا يُشترط أن تكون الطرق والمشارب واحدة. بل تكون مثل هذه الوحدة ضارة لأنها قد تدفع الناس إلى اللامبالاة وتنتهي إلى تبني القول المشهور: "ليفكر غيري بهذ"،61 قال (يرحمه الله): "إن الجماعات التي تتشكل بدافع المحبة الدينية إنْ حققت شرطين فنحن على استعداد لتهنئتها جميعاً والاتحاد معها:
الشرط الأول: المحافظة على الحرية الشرعية وعلى الأمن العام.
الشرط الثاني: أن يكون طراز حركتها قائماً على المحبة وعدم محاولة إبراز نفسها بإلقاء التهم على الجماعات الأخرى وتلويث سمعتها."62
وهكذا يتبين أن بديع الزمان يميل عن اختيارات الجمعيات الثورية.
لا للامركزية
يعجب بديع الزمان بفكرة اللامركزية وتوسيع وزيادة الصلاحيات التي عرضها الأمير "صباح الدين". ولكنه لا يناصرها، وذلك لأنّ الاتجاه نحوها قبل تقوية الروابط العثمانية بين أفراد الأمة وقبل تأمين المحبة بين الأمة سيؤدي إلى إحياء العنصرية التي ماتت قبل 13 قرناً، وإيقاظ الفتنة وإرجاع البلد إلى عهد الإمارات شبه المستقلة. ويدل تفكيره على اهتمامه البالغ بوحدة الأمة، لذا يجب ألا تغيب عن الأنظار هذه الملاحظات عند دراسة أفكار بديع الزمان ولاسيما في هذه الأيام التي أثيرت فيها هذه المسائل من جديد وباتت من مواضيع الساعة.
العدو الخارجي
أمام إصرار بديع الزمان على أن أكبر الأعداء الحقيقيين هم الجهل والفقر والاختلاف فلابد أن يرِد على الخاطر السؤال الآتي: وماذا يقول عن العدو الخارجي؟ والحقيقة أنه يتناول هذه المسألة عند شرحه المواضيع نفسها. فهو لا يرى فيهم أعداءً يجب محاربتهم بأسلحة مادية، بل يذكر بأنه يجب النظر إليهم نظرة صداقة مبررا ذلك بعدة أسباب:
1- إنهم سبب ووسيلة يقظتنا.
2- إننا نكتسب منهم العلوم الوضعية.
3- يجب أن نقنعهم بأنّ الدين الإسلامي دين صلح.
4- إنّهم جيراننا، والجيرة تستوجب الصداقة.
قال الأستاذ في التعبير عن هذه المعاني:
"يجب ألا ننظر للأجانب نظرة عداء، بل ربما يتوجب علينا أن ننظر إليهم كأصدقاء ومساعدين لأنهم أصبحوا وسيلة لسعادتنا ولإعلاء كلمة الله في هذا الزمن لكونهم وسطاء لرقينا ومشوقين بل حتى مجبرين لنا لاكتساب المدنية."63
ويبدي بديع الزمان أهمية أكبر لموضوع إزالة القناعات الخاطئة لأوروبا عن الإسلام، فيقول:
"لقد حزنت من أعماق قلبي عندما علمت بأن أوروبا تظن بأن الاستبداد الناشئ عندنا نتيجة الجهل والتعصب مرده -حاشا لله- لموافقة وملائمة الشريعة له. ولكي أقوم بتكذيب ظنونهم هذه فقد أيّدت باسم الشريعة إعلان المشروطية أكثر من الجميع."64
ويكرر بإصرار بهذا الصدد بأنّ غير المسلمين مدنيون، لهذا لا تكون المواجهة بالسلاح بل بالإقناع. فَيَذْكرُ ويُذَكِّر بهذا المعنى حين الكتابة عن جمعية الاتحاد المحمدي، بقوله: "إن سبيل هذا الاتحاد هو المحبة وخصومته موجهة للجهل وللبؤس وللنفاق. وليكن غير المسلمين مطمئنين وواثقين بأن اتحادنا هذا ضد هذه الصفات الثلاثة. وأسلوبنا مع غير المسلمين قائم على الإقناع ذلك لأننا نعرف أنهم أشخاص مدنيون لذا يجب إظهار الإسلام بشكل محبوب وبشكل سامٍ."65
السلاح ضد المدنيين
إذا كان الإقناع هو السياسة الرئيسية المستعملة تجاه الأعداء الخارجيين، فلا بد أن يتغير مفهوم "السلاح"، لذا نراه يكرر بشكل متواصل بأن أسلحتنا تجاههم هي البراهين القطعية والأكيدة للشريعة.66 وجوابه عن كيفية التغلّب على الأرمن؟ يلقي ضوءًا على مفهومه "للسلاح"، قال في جوابه: "سنغلبهم بالسلاح نفسه الذي غلبوكم به أي تستطيعون التغلب عليهم بالعقل وبالفكرة الملية والإقبال على الرقي والتقدم والميل نحو العدالة."67
ونُقِل عنه في نص آخر قوله: "إن السلاح الذي يُغلب به الأعداء في المستقبل سيكون المدنية الحقيقية بدلاً من السيف، والتقدم المادي، وسيكون السيف المعنوي للحق وللإنصاف."68
ويوصي في سياق آخر بالعيش للإسلام لأنّه السلاح الفعلي والحقيقي69 فلو عشنا الإسلام، وظهر الإسلام في أفعالنا وتصرفاتنا فإنّ قارات عدة ستدخل إلى الإسلام برغبتها.70
والبلاغة والفصاحة ستكون من أمضى الأسلحة في المستقبل كما بينه بديع الزمان.71 ويذكر بأن عهد الشجاعة الفطرية انتهى وفات أوانه، إذ حَلَّتْ مكانه الشجاعة العلمية.72 ولهذا يخاطب الجيل الجديد قائلا:
"يجب أن تصنعوا أسلحتكم من العلم ومن الصناعة ومن التساند ومن جوهر الحكمة القرآنية."73
إذن فإنّ الجهاد بدلا من أن يكون في جبهات القتال سيكون في ساحات العلم والصناعة وفي سبيل الحصول على التساند وعلى الحكمة القرآنية التي ساحتها النفس. يقول بديع الزمان:
"لما كان كل واحد قائداً في عالمه الذاتي، فإنّه مكلف من عالمه الأصغر بالجهاد الأكبر.74
النتيجة: أمل المستقبل
إذا ذُكر بديع الزمان ذُكر الأمل مجسماً، ولو تم تلخيص كل مؤلفاته في ثلاث أو خمس نقاط رئيسية لكان الأمل في المستقبل إحدى هذه النقاط دون أي شك. لذا فإننا نحب أن ننهي بحثنا بالأمل. آمن الأستاذ بأنّ العالم الإسلامي يملك قدرة التغلب على هذه الأعداء الثلاثة التي حلّلناها، وسوف يكون رائداً للإنسانية حتى من الناحية المادية وسيؤسس السلام العالمي، قال (يرحمه الله):
"بما أن العقل والعلم هما اللذان سيحكمان في المستقبل، لذا لابد أن يحكم القرآن الذي تستند جميع أحكامه على البراهين العقلية والذي يستمد جميع أحكامه من العقل."75 وقال أيضا: "إن المستقبل سيكون فقط للإسلام، والحقائق القرآنية والإيمانية ستكون هي الحاكمة."76
وورد عنه قوله: "إنني أعلن دون أي تردد وبكل ما أملك من يقين وعقيدة... سينتشر الحق وسيترعرع. وأنا أعتقد أن الحقائق الإسلامية هي التي ستحكم جميع القارات حكماً مطلقاً في المستقبل."77
مرددا الأبيات الآتية:
يقيني أن تربة المستقبل وسماءها هي آسيا وإن اليد البيضاء ستكون مع الإسلام.78
__________________________
الهوامش:
1 البروفسور الدكتور إبراهيم جانان "جامعة اتاتورك": ولد في مدينة "قونية" عام 1940، أتم دراسته الأولية في بلدته، تخرج عام 1958 من ثانوية قونية. عمل معلماً في المدارس المتوسطة في مدينة "قيصري" "1962 - 1964" وفي "اسكي شهر 1966 - 1967". في سنة 1972 بدأ بوظيفته كعضو في التعليم في "كلية العلوم الإسلامية في جامعة "اتاتورك"، واستمر بوظيفته هذه في "كلية الإلهيات التي تأسست في الجامعة نفسها. بدأ بنشر مقالاته في مجلات كليته ثم في مجلات: "ديانت. حق سس1. إسلام. إسلام مدنيتي 2. ظفر، سور، إجمال، قادن وعائلة 3، آلتن اولوك 4. وفي سنة 1979 فاز كتابه "تربية الأطفال في الأسرة وفي المدرسة حسب نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم "بجائزة أوقاف الثقافة الملية التركية. كتبه: الدين من زاوية المؤرخ "ترجمة عن ارنولد توينبي 1978"، مرشد الحلقات الدراسية والاطروحات 1979. تربية الأطفال في الأسرة والمدرسة حسب نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. النزل في جامعة اتاتورك ومحاسبة مرض التقليد عندنا. حقوق الأطفال في الإسلام 1980. أسس التربية الرئيسة في الإسلام 1980. خط الصلح 1980. الهجرة من زاوية التبليغ والتربية والتكتيك السياسي 1981. التربية في السنة النبوية 1980. أصول الحديث الجديدة "ترجمة عن ظفر أحمد العثماني" 1982. الفتنة والفوضى حسب القرآن والحديث 1981. الطفل في القرآن 1984. المدنية والثقافة والتقنية في أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم 1984. أحكام الصغار "ترجمة عن اوسطروشني" 1984. حملة القراءة والكتابة وسياسة التعليم عند نبينا صلى الله عليه وسلم 1985. الزمن وتنظيمه في الإسلام 1985. الإسلام وسلامة البيئة. شرح مختصر الكتب الستة 1988.
2 بديع الزمان سعيد النورسي: آثار بديعية وهو كتاب يجمع فيه الرسائل المنشورة باللغة العثمانية أي كتابة اللغة التركية بالأحرف العربية، "المترجم"، صفحة: 669.
3 المصدر السابق، ص: 372-378.
4 بديع الزمان سعيد النورسي: ديوان الحرب العرفي، إستانبول 1990، ص: 28 - 29.
5 آثار بديعية. ص: 385 المثنوي العربي النوري، إستانبول 1958، ص: 217.
6 Weber Max Ethique Protestant et Lespritdu Captilazim.
ترجمه إلى الفرنسية Jacques Chavy بلون، باريس.
7 ديوان الحرب العرفي، ص: 57، أخذت هذه العبارة من مقالته التي ظهرت في الجريدة الدينية" بتاريخ مارت 1909 عدد: 70.
8 المصدر السابق، ص: 15.
9 آثار بديعية، ص: 375.
10 بديع الزمان سعيد النورسي، مناظرات" إستانبول 1991، ص: 69.
11 آثار بديعية، ص: 381.
12 ديوان الحرب العرفي، إستانبول 1990، ص: 28.
13 بديع الزمان سعيد النورسي، الكلمات، دار سوزلر للنشر، إستانبول، الطبعة الأولى، 1992، ص: 292.
14 مناظرات، إستانبول، 1991، ص: 134.
15 المصدر السابق، ص: 128.
16 محاكمات، إستانبول 1977، ص: 47.
17 مناظرات، ص: 127.
18 المصدر السابق، ص: 128.
19 نجم الدين شاهينر آخر الشهود إستانبول 1988 - الجزء الرابع، ص: 372.
20 الآثار البديعية، ص: 349 - وقبلها ص: 69.
21 سنوحات، أنقرة: 1976، ص: 55.وانظر صيقل الإسلام/المحكمة العسكرية العرفية - ص: 463
22 إن نظرة بديع الزمان هذه تصدر من منطلق الحاجة للنجاح جزء من شخصية الإنسان، وهي تذكرنا بالأبحاث التي أجراها العالم الاجتماعي الأمريكي ماكلالند والتي أظهرت أن القصص وحكايات البطولة والأساطير التي تدرج ضمن كتب الدراسة بشكل أدبي لتلقين الجيل الجديد الحاجة إلى النجاح، تؤدي بعد مدة إلى تقدم ملحوظ في الحياة الاقتصادية لتلك الأمة. ولكن لاشك أن هناك فرقاً كبيراً بين تلقين الحاجة إلى النجاح بصورة اصطناعية بوساطة القصص والأساطير وبين تلقين هذه الحاجة الصادرة من أعماق الوجدان كنتيجة لأمر الإيمان والشعور بأنه واجب من الواجبات الدينية. ولمن يرغب في الاستزادة من المعلومات حول نظرية ماكلالند نشير إلى كتابنا التربية في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ص: 117 وإلى كتابنا التقنية والثقافة والمدنية في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 54-55.
23 توجد المعلومات حول هذا الموضوع في كتاب ارنولد توينبي المعنون بـ L'historia ترجمته إلى الفرنسية Elizabeth Jullia Gallimarol باريس 1951، ص: 104-157 وما بعدها.
24 أنظر المناظرات، ص: 433.
25 المصدر السابق، ص: 30.
26 المصدر السابق، ص: 78.
27 بديع الزمان سعيد النورسي، الخطبة الشامية، إستانبول 1990، ص: 56.
28 الخطبة الشامية، ص: 58-59. المناظرات، ص: 100-101.
29 مناظرات، ص: 98.
30 المصدر السابق، ص: 100.
31 الخطبة الشامية، ص: 64.
32 الآثار البديعية، ص: 64.
33 المصدر السابق، ص: 350.
34 بديع الزمان سعيد النورسي، محاكمات، ص: 37.
35 الخطبة الشامية، ص: 129. وكذلك انظر "الكلمات"، ص: 872.
36 مناظرات، ص: 136-139.
37 محاكمات، ص: 46.
38 الآثار البديعية، ص: 396.
39 ديوان الحرب العرفي، ص: 15-16 الهامش.
40 مناظرات، ص: 77-79.
41 الخطبة الشامية، ص: 142.
42 ديوان الحرب العرفي، ص: 21 - 22.
43 آثار بديعية، ص: 356.
44 الخطبة الشامية، ص: 20.
45 بديع الزمان سعيد النورسي، اللمعات، ص: 243.
46 الخطبة الشامية، ص: 20.
47 ديوان الحرب العرفي، ص: 58.
48 المصدر السابق، ص: 52.
49 بديع الزمان سعيد النورسي، المكتوبات، دار سوزلر للنشر، القاهرة 1992، ص: 341.
50 بديع الزمان سعيد النورسي، طلوعات، ص: 84، طبعت معاً مع سنوحات.
51 ديوان الحرب العرفي، ص: 41.
52 المصدر السابق، ص: 41.
53 الخطبة الشامية، ص: 124.
54 آثار بديعية، ص: 465.
55 الخطبة الشامية، ص: 124 - 125.
56 الكلمات، ص: 863.
57 ديوان الحرب العرفي، ص: 57
58 بديع الزمان سعيد النورسي، تاريخ الحياة، إستانبول، 1976 ص: 604.
59 ديوان الحرب العرفي، ص: 80. وآثار بديعية ص: 355.
60 المصدر السابق، ص: 28.
61 مناظرات، ص: 132.
62 الخطبة الشامية، ص: 99. وآثار بديعية، ص: 391.
63 آثار بديعية، ص: 357.
64 ديوان الحرب العرفي، ص: 16.
65 آثار بديعية، ص: 379.
66 ديوان الحرب العرفي، ص: 57. والخطبة الشامية، ص: 88. وآثار بديعية، ص: 375.
67 مناظرات، ص: 68.
68 الخطبة الشامية، ص:35.
69 المصدر السابق، ص: 96.
70 المصدر السابق، ص: 24.
71 الكلمات، ص: 264.
72 ديوان الحرب العرفي، ص: 28.
73 المصدر السابق، ص: 54.
74 المناظرات، ص: 68.
75 الخطبة الشامية، ص: 27.
76 المصدر السابق، ص: 21.
77 المحاكمات، ص: 7.
78 الكلمات، ص: 694.

Yıl 2010, Sayı: 2, 27 - 46, 01.12.2010

Öz

Yıl 2010, Sayı: 2, 27 - 46, 01.12.2010

Öz

Toplam 0 adet kaynakça vardır.

Ayrıntılar

Birincil Dil Arapça
Bölüm ARTICLES
Yazarlar

أ.د. إبراهيم جانان Bu kişi benim

Yayımlanma Tarihi 1 Aralık 2010
Yayımlandığı Sayı Yıl 2010 Sayı: 2

Kaynak Göster

APA جانان أ. إ. (2010). القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization(2), 27-46.
AMA جانان أإ. القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. Aralık 2010;(2):27-46.
Chicago جانان أ.د. إبراهيم. “القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and Their Solutions According to Bediuzzaman”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, sy. 2 (Aralık 2010): 27-46.
EndNote جانان أإ (01 Aralık 2010) القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization 2 27–46.
IEEE جانان أ. إ., “القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman”, النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, sy. 2, ss. 27–46, Aralık 2010.
ISNAD جانان أ.د. إبراهيم. “القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and Their Solutions According to Bediuzzaman”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization 2 (Aralık 2010), 27-46.
JAMA جانان أإ. القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. 2010;:27–46.
MLA جانان أ.د. إبراهيم. “القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and Their Solutions According to Bediuzzaman”. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization, sy. 2, 2010, ss. 27-46.
Vancouver جانان أإ. القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان - Prof. Dr. İbrahim Cânan: “The Chief Questions Facing the Islamic World and their Solutions According to Bediuzzaman. النور للدراسات الحضارية والفكرية - AL-NUR Academic Studies on Thought and Civilization. 2010(2):27-46.